وتابعت الآية الثّانية هذه الحقيقة بشكل أكثر عمومية، فتقول: (ومن يطع الله ورسوله ويخشى الله ويتقه فأُولئك هم الفائزون) (1).
وقد وصفت هذه الآية المطيعين المتقين بالفائزين، كما وصفت الآيةُ السابقة الذين يرضخون لحكم الله ورسوله بالمفلحين.
وتُفيد مصادر اللغة أنَّ "الفوز" و"الفلاح" بمعنىً واحد تقريباً، قال الراغب الأصفهاني في مفرداته: "الفوز: الظفر بالخير مع حصول السلامة" و"الفلاح: الظفر وادراك البغية" (وفي الأصل بمعنى الشق، وبما أنّ الاشخاص المفلحين يشقون طريقهم إلى مقصدهم ويزيلون العقبات منه أطلق الفلاح على الفوز أيضاً) وبما أن الكلام في الآية السابقة كان عن الطاعة بشكل مطلق، وفي الآية قبلها عن التسليم أمام حكم الله، وأحدهما عام والآخر خاص، فنتيجة كليهما واحدة.
و ما يستحقُّ الملاحظة هو أن الآية الأخيرة ذكرت ثلاثةَ أوصاف للفائزين: هي: طاعة الله والرّسول، وخشية الله، وتقوى الله.
وقال بعض المفسّرين: إنّ الطاعة ذات معنىً عام، والخشية فرعها الباطني، والتقوى فرعها الظاهري. وقد تحدثت أوّلا عن الطاعةِ بشكل عامّ، ثمّ عن باطنها وظاهرها.
ورُوي عن الإمام الباقر(ع) في تفسير قوله تعالى: (أُولئك هم المفلحون) قال: "إنَّ المعني بالآية أميرالمؤمنين (علي (ع)) "(2).
ولا خلاف في أنَّ علياً(ع) خير مصداق لهذه الآية، وهذا هو المراد من هذا الحديث فلا يفقد الآية عموميتها.
﴿وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ فيما أمرا أو نهيا ﴿وَيَخْشَ اللَّهَ﴾ لسالف ذنوبه ﴿وَيَتَّقْهِ﴾ فيما يستقبل ﴿فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ بالجنة.