وبعبارة أوضح أنّ الناس في حركة دائبة في هذا الطريق الطويل من حدود العدم إلى إقليم الوجود، ولا يزالون في حركة في هذا الإِقليم نحو الوجود المطلق، والوجود الأزلي، وأن هذه الحركة والسلوك التكاملي في استمرار الى الأبد ما داموا لا ينحرفون عن هذا الصراط المستقيم حيث يدخلون في كل يوم مرحلة جديدة من التقرب إلى الله تعالى، وإذا انحرفوا عن مسيرهم فإنهم سوف يسقطون وينتهون عندئذ يضيف في إدامة هذا الحديث: (ينبؤ الإِنسان يومئذ بما قدّم وأخر) أمّا عن معنى هاتين العبارتين فقد ذكرت لهما تفاسير عديدة:
أوّلاً: المراد هو ما قدم من الأعمال في حياته، أو الآثار الباقية منه بعد موته، ممّا ترك بين الناس من السنن الصالحة والسيئة والتي يعملون ويسيرون بها ووصول حسناتها وسيئاتها إليه.
أو الكتب والمؤلفات والأبنية القائمة على الخير والشرّ، والأولاد الصالحين والطالحين التي تصل آثارهم إليه.
والثّاني: يمكن أن يراد به الأعمال الأُولى التي أتى بها.
والأعمال الأخيرة التي أتى بها في عمره، وبعبارة أُخرى أنّه يُنبّأ بجميع أعماله.
والثّالث: أنّ المراد هو ما قدم من ماله لنفسه وما ترك لورثته، وقيل: ما قدم من الذنوب، وما أخر من طاعة الله أو بالعكس.
والوجه الأوّل هو الأنسب، لما ورد عن الإِمام الباقر (ع) في تفسير " (ينبّؤ) بما قدم من خير و شرّ.
ما أخر من سنّة ليس بها من بعده فإن كان شرّاً كان عليه مثل وزرهم، ولا ينقص من وزرهم شيئاً، وإن كان خيراً كان له مثل أجورهم، ولا ينقص من أجورهم شيئاً" (9).
﴿يُنَبَّأُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ﴾ بأول عمله وآخره أو بما قدم من عمل عمله وبما أخره فلم يعمله أو بما عمله وبما سنه فعمل به بعده أو بما قدم من مال لنفسه وبما خلفه لغيره.