ثم يقول تعالى: (فإذا قرأناه فاتّبع قرآنه)، ثمَّ يضيف: (ثم إنّ علينا بيانه).
فيكون جمع القرآن وقراءته لك وتبيينه وتفصيل معانيه بعهدتنا، فلا تقلق على شيء، فالذي أنزل الوحي هو الذي يحفظه، وأمّا ما يُعهد إليك هو اتباعك له وإبلاغك الرسالة للناس، وعن بعضهم أنَّ المراد من الجمع ليس الجمع في لسان الوحي، بل جمعه في صدر النّبي (ص) وقراءته على لسانه أي لا تعجل إنَّ علينا أن نجمعه في صدرك ونثبت قراءتهُ في لسانك بحيث تقرأه متى شئت.
على كل حال فإن هذه العبارات تؤيد التفسير الأوّل، وهو أن الوحي النازل بواسطة جبرئيل (ع) عندما كان يهبط على النبي (ص) ليقرأ عليه القرآن كان (ص) يكررالآيات بسرعة لئلا ينساها.
وهنا جاء الأمر من الله أن أهدأ واطمئن فإنّه تعالى هو الذي يجمع الآيات ويبيّنها.
وهذه الآيات تبيّن ضمنياً أصالة القرآن، وحفظه من أي تغّير وانحراف، لأنّ الله تعالى تعهد بجمعه وقراءته وتبيينه.
وورد في أن رسول الله (ص) كان بعد نزول هذه الآيات إذا أتاه جبرئيل (ع) أطرق، فإذا ذهب قرأ كما وعده الله (2).
﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ﴾ عليك بقراءة جبرئيل ﴿فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ قراءته بعد استماعها ولا تساوقه فيها.