ثمّ يشير إلى العين التي يملؤون منها كؤوسهم من الشراب الطهور فيقول: (عيناً يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيراً) (6) (7).
هذه العين من الشراب الطهور وضعها الله تعالى تحت تصرفهم، فهي تجري أينما شاءوا، والظريف هو ما نقل عن الإمام الباقر (ع) إذ قال في وصفها: "هي عين في دار النّبي تفجر إلى دور الأنبياء والمؤمنين".
نعم فكما تتفجر عيون العلم والرحمة من بيت النّبي (ص) وتجري الى قلوب عباد الله الصالحين، كذلك في الآخرة حيث التجسّم العظيم لهذا المعنى تتفجر عين الشراب الطهور الإلهي من بيت الوحي، وتنحدر فروعها، إلى بيوت المؤمنين!
"يفجرون": من مادة تفجير، وأخذت من أصل (الفجر) ويعني الشق الواسع، سواء أكان شق الأرض أو غير ذلك، و"الفجر" نور الصبح الذي يشق ستار الليل، وأُطلق على من يشق ستار الحياء والطهارة ويتعدى حدود الله (فاجر) ويراد به هنا شقّ الإرض.
والملاحظ أنّ أوّل ما ذكر من نعم الجنان في هذه السورة هو الشراب الطهور المعطّر الخاصّ.
لكونه يزيل كلّ الهموم والحسرات والقلق والأردان عند تناوله بعد الفراغ من حساب المحشر، وهو أوّل ما يقدم لأهل الجنان ثمّ ينتهون إلى السرور المطلق بالإستفادة من سائر مواهب الجنان.
﴿عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا﴾ منها ﴿عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا﴾ يجرونها حيث شاءوا بسهولة