والظريف أنّهم في هذا المضيف الإلهي يستضافون بأحسن الوجوه، كما هو الحال في الآية التالية إذ يقول لهم: (كلوا واشربوا هنيئاً بما كنتم تعملون) هذه الجملة سواء كانت خطاباً من الله بشكل مباشر، أو بوسيلة الملائكة تقال لهم مشفوعة باللطف والمحبّة التي هي غذاء لروحهم.
وعبارة (بما كنتم تعملون) إشارة إلى أنّ هذه المواهب لا تعطى لأيّ كان من دون عمل، ولا يمكن حصولها بالإِدعاء والتخيل والتصور، وإنّما يمكن نيلها والحصول عليها بالأعمال الصالحة فقط.
(هنيء): على وزن (صبيح) ويقول الراغب في مفرداته: هو كل شيء ليست فيه مشقة ولا يستتبعه قلق، ولذا يقال للماء والغذاء السائغ (هنيء)، ويطلق أحياناً على الحياة السعيدة.
وهذا إشارة إلى أنّ فواكه الجنّة وأغذيتها وأشربتها ليست كأغذية الدنيا وأشربتها التي تترك أحياناً آثاراً سيئة في البدن، أو تترك أعراضاً غير مُرْضية.
وهناك اختلاف بين المفسّرين في أنّ هذه الآية تبيان لإباحة الإستفادة من هذه النعم، أم أنّه أمرٌ من الله تعالى؟ ولكن يجب أن يلاحظ أنّ مثل هذه الأوامر التي تقال عند الإستقبال هو نوع من الطلب للشخص المضيّف، وأنّها تقال لتعظيم الضيوف واحترامهم، والمضيّف يحب أن يُؤكل طعامه أكثر لإكرام ضيفه أكثر.
﴿وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ﴾ ويقال لهم ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ من الحسنات.