وتأتي الآية التالية لتنقلنا من عالم الأرض إلى عالم السماء حين تقول: (وبنينا فوقكم سبعاً شداداً).
قد يراد من العدد المذكور بالآية "الكثرة"، للإشارة إلى كثرة الأجرام السماوية والمنظومات الشمسية والمجرات والعوالم الواسعة لهذا الوجود، والتي تتمتع بخلق محكم وبناء رصين لا خلل فيه... ويمكن أنْ يراد منه العدد، للإشارة إلى أنّ الكواكب وما يبدو لنا منها إنّما تعود إلى السماء الأُولى، كما أشارت الآية (7) من سورة الصافات إلى ذلك: (إنّا زينّا السماء بزينة الكواكب)، وثمّة سماوات ستة وعوالم أُخرى وراء السماء الأُولى "الدنيا" خارجة عن حدود معرفتنا.
وثمّة احتمال آخر، وهو أنّ المراد منها طبقات الهواء المحيطة بالأرض فإنّها مع رقتها تتمتع باستحكام وقوة عجيبة بحيث تحمي الأرض من آثار الشهب الملتهبة والمتساقطة عليها باستمرار، فبمجرّد دخول الشهب في الغلاف الجوي الرقيق نتيجة لجاذبية الأرض لها، تحترق تلك الشهب لاحتكاكها السريع بالغلاف الجوي حتي تتلاشى، ولولا تلك الطبقات الجوية المحيطة بالكرة الأرضية لكانت المدن والقرى عرضة للإصابة بتلك الصخور والأحجار السماوية المتساقطة عليها على الدوام.
وقد توصل بعض العلماء إلى أنّ سُمْك الغلاف الجوي يقرب من مائة كليومتر، وله من الأثر ما يعادل سقف فولاذي بسمك عشرة أمتار!
وبذلك نحصل على تفسير آخر لما جاء في الآية... (... سبعاً شداداً) (8).
﴿وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا﴾ من السموات ﴿شِدَادًا﴾ لا تبلى بمرور الدهر.