وهي: (للطاغين مآباً) (1).
وأنّهم: (لابثين فيها أحقاباً).
"المرصاد": اسم مكان يختفي فيه للمراقبة، ويقول الراغب في مفرداته: "المرصد" موضع الرصد، والمرصاد نحوه، لكن يقال للمكان الذي أُختص بالترصد.
وقيل: إنّه صيغة مبالغة، ويطلق على الذي يكمن كثراً للرصد، مثل "المعمار" الذي يكثر من البناء والعمران.
والمعنى الأوّل أشهر وأنسب، ولكن... مَن سيقوم بعملية الرصد في جهنّم؟
قيل: هم وملائكة العذاب بدلالة الآية (71) من سورة مريم التي تحكي عن مرور جميع الناس صالحهم وطالحهم من جانب جهنّم أو من فوقها: (وإن منكم إلاّ واردها كان على ربّك حتماً مقصياً) وخلال ذلك المشهد تقوم ملائكة العذاب برصد أهل النّار والتقاتهم من بين الخلق!
وأمّا لو قلنا في تفسير الآية بأنّها (صيغة المبالغة) فسيكون جهنّم هي المرصاد للطاغين، وتقوم بعملية جذب أهل النّار إليها حال مرور الخلق واقترابهم منها.
وعلى أية حال، فلا يستطيع أيّ من الطاغين من تخطي ذلك المعبر المحتوم، فإمّا أن تخطفه ملائكة العذاب أو تجذبه جهنّم.
"الماب": هو محل الرجوع، ويأتي أحياناً بمعنى المنزل والمقر، وهو المقصود في هذه الآية.
و"الأحقاب": جمع (حقب) على وزن (قفل)، بمعنى برهة زمانية غير معينة، وقد قدرها بعض بثمانين عاماً، وقيل سبعين، وقيل: أربعين عاماً.
وعلى أيّ من التقادير، فثمّة مدّة معينة للبقاء في جهنّم، وهو ما يتعارض مع ما جاء في آيات اُخر والتي تصرح بخلود أهل النّار في جهنّم، ولذلك سعى المفسّرون لإيجاد ما يوضح هذا الموضوع.
المعروف بين المفسّرين: إنّ المقصود بـ "الأحقاب" في الآية هو تلك الفترات الزمانية الطويلة التي تتعاقب فيما بينها، المتسلسة بلا نهاية، فكلما تنتهي فترة تحل محلها اُخرى، وهكذا.
وقد جاء في إحدى الرّوايات... إنّ الآية جاءت في المذنبين من أهل الجنّة، الذين يقضون فترة في جهنّم يتطهّرون فيها ثمّ يدخلون الجنّة، وليست واردة في الكافرين المخلدين في النّار (2).
﴿لِلْطَّاغِينَ مَآبًا﴾ مرجعا.