ويشير القرآن واصفاً ذلك اليوم الذي يقوم فيه الناس والملائكة أجمعون يوم الفصل، يوم عقاب العاصين وثواب المتقين، يشير بقوله: (ذلك اليوم الحق).
"الحقّ": هو الأمر الثابت واقعاً، والذي تحققه قطعي.
وهذا المعنى ينطبق تماماً على يوم القيامة، لأنّه سيعطي كلّ إنسان حقّه، إرجاع حقوق المظلومين من الظالمين، وتتكشف كلّ الحقائق التي كانت مخفية على الآخرين... فانّه بحق: يوم الحقّ، وبكل ما تحمل الكلمة من معنى.
وإذا ما التفت الإنسان إلى هذه الحقيقة (حقيقة يوم القيامة) فسيتحرك بدافع قوي نحو اللّه عزّوجلّ للحصول على رضوانه سبحانه بإمتثال أوامره تعالى... ولهذا يقول القرآن مباشرة: (فمن شاء اتّخذ إلى ربّه مآباً).
فجميع مستلزمات التوجه والحركة نحو اللّه متوفرة بعد أن بيّن طريق الحقّ وأشار إلى معالم سبل الشيطان، بلغ اللّه أوامره بواسطة الأنبياء والرسل وبالقدر الكافي، أودع في الإنسان العقل (النّبي الباطن)، رغّب للمتقين بالمفاز، أنذر المجرمين عذاباً أليماً، عيّن يوماً لمحكمة العدل الإلهي بيّن اُسلوب المحاكمة، ولم يبق للإنسان سوى اختيار ما يتخذه إلى ربّه مآباً، وبمحض إرادته.
و"المآب": هو محل رجوع، ويأتي أيضاً بمعنى "الطريق".
﴿ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ﴾ الثابت الوقوع لا محالة ﴿فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا﴾ مرجعا بطاعته.