وكذلك: (اُمّه وأبيه).
حتى: (وصاحبته وبنيه).
فوحشة ورهبة يوم القيامة لا تُنسي الأخ والاُم والأب والزوجة والأولاد فحسب، بل وتتعدى إلى الفرار منهم، وعندما ستتقطع كلّ روابط وعلاقات الإنسان الفرد مع الآخرين... فحينها سوف لا يهتم إلاّ نفسه وما قدّم، وسينسى:
اُمّه التي كانت تحبّه وتفديه...
وأبو الذي ربّاه واحترمه...
وزوجته التي لا تعرف غيره...
وأولاده... ثمرة كبده وقرة عينه...
وقيل: إنّما يكون الفرار للتهرب من الحقوق التي لهم عليه، وهو عاجز عن أدائها.
وقيل أيضاً: إنّما يفر المؤمنون خاصّة من أقربائهم من غير المؤمنين وغير المتقين، خوفاً من الإصابة بما سيصيب اُولئك من عقاب.
ويبدو أنّ التفسير الأوّل أنسب ولا مانع من الجمع بينهما.
ولكن... ما سرّ تسلسل ذكر الأخ، ثمّ الاُمّ، فالأب من بعدها، ومن ثمّ الزوجة والأولاد؟
يعتقد بعض بأّ التسلسل قد لوحظ فيه شدّة العلاقة ما بين الفار ومَنْ يرتبط بهم، وقد تسلسل الذكر من الأدنى حتى الأعلى، ليعطي لهذا التصوير بعداً بلاغياً، فهو من أخيه، ثمّ من اُمّه وأبيه، ثمّ من زوجته وبنيه.
ولكن: يصعب الخروج بقاعدة كلية تختص في ترتيب العلائق بين الناس، فالناس ليسوا سواسية في هذا الجانب، فقد نجد من يكون مرتبطاً بأخيه أكثر من أيّ إنسان الآخر، ونجد ممن لا يقرّب على علاقته باُمّه شيء، وثمّة من تكون زوجته رمز حياته، أو مَنْ يفضل ابنه حتى على نفسه... الخ.
وثمّة عوامل اُخرى تدخل في التأثير على علاقة الإنسان بأخيه وأبيه وزوجته وبنيه، وعلى ضوئها لا يمكننا ترجيح أفضلية أيّ منهم على الآخر من جميع الجهات، وعليه فلا يمكن القطع بأنّ التسلسل الوارد في الآية قد جاء على أثر أهمية وشدّة العلاقة.
﴿وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ﴾.