والثّانية: (وإنّ الفجّار لفي جحيم).
"الأبرار": جمع (بار) و"بَرّ" على وزن (حق)، بمعنى: المُحسن، و (البرّ) بكسر الراء - كلّ عمل صالح... والآية تريد العقائد السليمة، والنيات والأعمال الصالحة.
"نعيم": وهي مفرد بمعنى النعمة، ويراد به هنا "الجنّة"، وجاءت بصيغة النكرة لبيان أهمية وعظمة هذه النعمة، التي لا يصل لإدراك حقيقتها إلاّ اللّه سبحانه وتعالى، واختيرت كلمة "نعيم" بصيغة الصفة المشبهة، للتأكيد على بقاء واستمرار هذه النعمة، لأنّ الصفة المشبهة عادة ما تتضمّن ذلك.
"الفجّار": جمع (فاجر) من (فجر)، وهو الشقّ الواسع، وقيل للصبح فجر لكونه فجَرَ الليل، أيّ شقّه بنور الصباح، و (الفخور): شقّ ستر الديانة والعفة، والسير في طريق الذنوب.
"جحيم": من (الجحمة)، وهي تأجج النّار، وتطلق الآيات القرآنية (الحجيم) على جهنّم عادة.
ويمكن أنْ يراد بقوله تعالى: (إنّ الأبرار لفي نعيم الفجّار جحيم) الحال الحاضر، أيّ: إنّ الأبرار يعيشون في نعيم الجنّة حاليّاً، وإنّ الفجّار قابعون في أودية النّار، كما يفهم من إشارة الآية (54) من سورة العنكبوت: (إِنَّ جهنّم لمحيطة بالكافرين).
وقال بعض: المراد من الآيتين هو حتمية الوقوع المستقبلي، لأنّ المستقبل الحتمي والمضارع المتحقق الوقوع يأتي بصيغة الحال في اللغة العربية، وأحياناً يأتي بصيغة الماضي.
فالمعنى الأوّل أكثر انسجاماً مع ظاهر الآية، إلاّ أنّ المعنى الثّاني أنسب للحال، واللّه العالم.
﴿وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ﴾.