التّفسير:
وما أدراك ما سجّين؟!
بعد أن تحدثت الآيات السابقة عن المطفّفين، وعن ارتباط الذنوب بعدم الإيمان الراسخ بالمعاد ويوم القيامة، تشير الآيات أعلاه إلى ما ستؤول إليه عاقبة المسيئين والفجار يوم حلول اليوم المحتوم، فتقول: (كلاّ) فليس الامر كما يظن هؤلاء عن المعاد وأنّه ليس هنا حساب وكتاب، بل (إنّ كتاب الفجّار لفي سجّين). (وما أدراك ما سجّين). (كتابٌ مرقوم).
وتوجد نظرتان في تفسير الآية أعلاه:
الاُولى: المراد من "كتاب": هو صحيفة الأعمال، التي لا تغادر صغيرة ولا كبيرة، من الأفعال الإنسان إلاّ وأحصتها.
والمراد بـ "سجّين": هو الكتاب الجامع لكل صحائف أعمال الإنسان عموماً.
وما نستفيده من الآيات المذكورة وآيات اُخرى: إنّ أعمال جميع المسيئين تجمع في كتاب يُسمّى "سجّين"، وأعمال جميع الصالحين والأبرار تجمع في كتاب آخر، اسمه "علّيين".
و"سجّين": من (السجن)، وهو (الحبس)، وله استعمالات متعددة، فهو: السجن الشديد، الصلب الشديد من كلّ شيء، اسم لوادي مهول في قعر جهنم، موضع فيه كتاب الفجّار، ونار جهنم أيضاً.
وقال: "الطريحي" في "مجمع البحرين" في "سجّين": وفي التّفسير هو كتاب جامع ديوان الشرّ، دَوَّنَ اللّه فيه أعمال الكفرة والفسقة من الجنّ والإنس... (1)
أمّا القرائن التي تؤيد هذا التّفسير، فهي:
1 - غالباً ما وردت كلمة "كتاب" في القرآن الكريم بمعنى (صحيفة الأعمال).
﴿كلا﴾ ردع عما هم عليه ﴿إن كتاب الفجار﴾ ما كتب من أعمالهم ﴿لفي سجين﴾ كتاب جامع لأعمال الكفرة والشياطين.