وتشير الآية التالية للصفة الثّالثة لمنكري المعاد، فتقول: (وإذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين).
فبالاضافة لكون منكر المعاد معتد وأثيم، فهو من الساخرين والمستهزئين بآيات اللّه، ويصفها بالخرافات البالية (1)، وما ذلك إلاّ مبرر واه لتغطية تهربه من مسؤولية آيات اللّه عليه.
ولم تختص الآية المذكورة بذكر المبررات الواهية لاُولئك الضالّين المجرمين فراراً من الإستجابة لنداء الدعوة الربانية، بل ثمّة آيات أُخرى تناولت ذلك، منها الآية (رقم 5) من سورة الفرقان: (وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تُملي عليه بكرة وأصيلاً)، والآية (17) من سورة الأحقاف، حكاية عن قول شاب طاغ وقف أمام والديه المؤمنين مستهزءاً بنصائحهما قائلاً: (ما هذا إلاّ أساطير الأولين).
وقيل في شأن نزول الآية: إنّها نزلت بشأن (النضر بن حارث بن كلدة)، ابن خالة النّبي (ص)، وكان من رؤوس الكفر والضلال.
ولا يمنع نزول الآية في شخص معين، من تعميم ما جاء فيها لكلّ من يشارك ذلك الشخص في الصفة والحال.
فالطغاة، كثيراً ما يتذرعون بأعذار واهية، عسى أن يتخلصوا من لوم وتأنيب الضمير من جهة... ومن اعتراضات النّاس ورجال الحق من جهة اُخرى، والعجيب أنّ الطغاة من الحماقة والتحجّر بحيث أنّ اُسلوب مواجهتهم للأنبياء (ع) وعلى مرّ التاريخ قد جاء على وتيرة واحدة، وكأنّهم قد وضعوا لأنفسهم مخططاً لا ينبغي الحيد عنه، فعند مواجهتهم لدعوة الأنبياء (ع) بتعاليم السماء، ليس عندهم سوى أن يقولوا: سحر، كهانة، جنون، أساطير!
﴿إذا تتلى عليه ءاياتنا﴾ القرآن ﴿قال﴾ هذا ﴿أساطير الأولين﴾ أكاذيبهم التي سطروها.