وإلى ذلك المطاف، ستنفصل البشرية إلى فريقين: (فأمّا مَن اُوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حساباً يسيراً، وينقلب إلى أهله مسروراً).
فالذين ساروا على هدي المخطط الربّاني لحركة الإنسان على الأرض، وكان كلّ عملهم وسعيهم للّه دائماً، وكدحوا في السير للوصول إلى رضوانه سبحانه، فسيعطون صحيفة أعمالهم بيمينهم، للدلالة على صحة إيمانهم وقبول أعمالهم والنجاة من وحشة ذلك اليوم الرهيب، وهو مدعاة للتفاخر والإعتزاز أمام أهل المحشر.
وحينما توضع أعمال هؤلاء في الميزان الإلهي الذي لا يفوته شيء مهما قلّ وصغر، فإنّه سبحانه وتعالى: سييّسر حسابهم، ويعفو عن سيئاتهم، بل ويبدل لهم سيئاتهم حسنات.
أمّا ما المراد من "الحساب اليسير"؟ فذهب بعض إلى أنّه العفو عن السيئات والثواب على الحسنات وعدم المدافة في كتاب الأعمال.
وحتى جاء في الحديث الشريف: "ثلاث مَن كنّ فيه حاسبه اللّه حساباً يسيراً، وأدخله الجنّة برحمته.
قالوا: وما هي يا رسول اللّه؟!
قال: تعطي من حرمك، وتصل مَن قطعك، وتعفو عَمَّن ظلمك" (3).
وجاء في بعض الرّوايات، أنّ الدقّة والتشديد في الحساب يوم القيامة تتناسب ودرجة عقل وإدراك الإنسان.
فعن الإمام الباقر (ع)، أنّه قال: "إنّما يداق اللّه العباد في الحساب يوم القيامة على ما آتاهم من العقول في الدنيا" (4).
ووردت أقوال متفاوتة في تفسير كلمة "الأهل" الواردة في الآية (إلى أهله).
فمنهم مَن قال: هم الزوجة والأولاد المؤمنين، لأنّه سيلتحق بهم في الجنّة، وهي بحدّ ذاتها نعمة كبيرة، لأنّ الإنسان يأنس بلقاء مَن يحب، فكيف وسيكون معهم أبداً في الجنّة!
ومنهم مَن قال: الأهل: الحور العين اللاتي ينتظرنّهم في الجنّة.
وآخرين قالوا: هم الاُخوة المؤمنين الذين كانوا معه في الدنيا.
ولا مانع من قبول كلّ هذه الأقوال في معنى الآية وما رمزت له.
﴿فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا﴾.