وتقول الآية التالية: (وما نقموا منهم إلاّ أن يؤمنوا باللّه العزيز الحميد).
نعم، فجرمهم الوحيد إنّهم آمنوا باللّه الواحد الأحد دون تلك الأصنام الفاقدة للعقل والإحساس.
"نقموا": من (النقم) - على زنة قلم - وهو الإنكار باللسان أو بالعقوبة، ومنه (الإنتقام).
هكذا عقوبة لا تجري إلاّ على ذنب عظيم، وأين الإيمان باللّه العزيز الحميد من الذنب؟!
إنّه الإنحطاط الكبير الذي وصل إليه اُولئك القوم، قد صوَّر لهم أعزّ وأفضل ما ينبغي للإنسان أن يفتخر به (الإيمان باللّه) على أنّه جرم كبير وذنب لا يغتفر!...
وينقل لنا القرآن في الآية (59) من سورة المائدة شبيه هذه الحادثة، حينما قال السحرة الذين آمنوا بموسى (ع) لفرعون عندما توعدهم بالعقاب المؤلم، فقالوا له: (وما تنقم منّا إلاّ أن آمنا بآيات ربّنا).
وذكر "العزيز الحميد" جواب لما اقترفوا من جريمة بشعة، واحتجاج على اُولئك الكفرة، إذ كيف يكون الإيمان باللّه جرم وذنب؟!
وهو أيضاً، تهديد لهم، بأن يأخذهم اللّه العزيز الحميد جراء ما فعلوا، أخذ عزيز مقتدر.
﴿وَمَا نَقَمُوا﴾ أنكروا ﴿مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ﴾ بقهره ﴿الْحَمِيدِ﴾ في أفعاله.