ولنرى لأي شيء كان هذا القسم: (إن كلّ نفس لمّا عليها حافظ) (6).
يحفظ عليه أعماله، وتسجل كل أفعاله، ليوم الحساب.
كما جاء في الآيات (10 - 12) من سورة الإنفطار: (وإنّ عليكم لحافظين كراماً كاتبين يعلمون ما تفعلون).
فلا تظنوا بأنّكم بعيدون عن الأنظار، بل أينما تكونوا فثمّة عليكم ملائكة مأمورين يسجلون كلّ ما يبدر منكم... وهذا ما له الأثر البالغ في عملية إصلاح وتربية الإنسان.
مع أنّ الآية لم تحدد هوية "الحافظ"، ولكن الآيات الاُخرى تبيّن بأن "الحفظة" هم الملائكة وأنّ "المحفوظ" هو أعمال الإنسان من الطاعات والمعاصي.
وقيل: يراد بها حفظ الإنسان من الحوادث والمهالك، ولولا ذلك لما خرج الإنسان من الدنيا بالموت الطبيعي، والأطفال بالخصوص.
أو المراد هو: حفظ الإنسان من وساوس الشيطان، ولولا هذا الحفظ لما سلم أحد من وساوس شياطين الجنّ والأنس.
وبلحاظ ما تتطرق إليه الآيات التالية (حول المعاد والحساب الإلهي)، يكون التّفسير الأول أقرب من غيره وأنسب، ولو أنّ الجمع بين هذه التفاسير الثلاثة غير بعيد عن مراد الآية.
والعلاقة ما بين المقسوم به وما أُقسم له وثيقة، حيث أنّ السماء العالية والنجوم التي تتحرك في مسارات منظمة، دليل على وجود النظم والحساب الدقيق في عالم الوجود، فكيف يمكن أنّ نتصور بأنّ أعمال الإنسان دون باقي الأشياء لا تخضع لهذه السُّنة، لتبقى سائبة بلا ضبط وتسجيل وليس عليها من حافظ؟!!...
﴿إِن﴾ مخففة أي إن الشأن ﴿كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ﴾ اللام فارقة وما زائدة أي ملك يحصي عملها أو يحفظ رزقها وأجلها وقرىء لما بالتشديد بمعنى إلا وإن نافية.