وبعد أن تبيّن الآيات العناية الرّبانية للنّبي الأكرم (ص)، تنتقل إلى بيان مهمته الرئيسية: (فذكّر إن نفعت الذكرى).
قيل: الإشارة هنا إلى أنّ التذكير بحدّ ذاته نافع، وقليل اُولئك من الذين لا ينتفعون به، والحد الأدنى للتذكير هو إتمام الحجّة على المنكرين، وهذا بنفسه نفع عظيم. (2)
ولكن ثمّة من يعتقد أنّ في الآية محذوف، والتقدير: (فذكّر إن نفعت الذكرى أو لم تنفع)، وهذا يشبه ما جاء في الآية (18) من سورة النحل: (وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر)، فذكر "الحر" وأضمر (البرد) لوضوحه بقرينة المقابلة.
وهناك مَن يؤكّد على أنّ الجملة الشرطية في الآية، لها مفهوم، والمراد: أنّه يجب عليك التذكير إذا كان نافعاً، فإن لم يكن نافعاً فلا يجب.
وقيل: "إن": - في الآية - ليست شرطية، وجاءت بمعنى (قد) للتأكيد والتحقيق، فيكون مراد الآية: (ذكر فإنّ الذكرى مفيدة ونافعة).
ويبدو لنا أنّ التّفسير الأوّل مرجح على بقية التّفاسير الثّلاث، بقرينة سلوك النّبي (ص) في نشره الإسلام، تبليغه الحق، فإنّه كان يعظ وينذر الجميع.
﴿فَذَكِّرْ﴾ بالقرآن ﴿إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى﴾ أي وإن لم تنفع فحذف للعلم به أو اشتراط ذلك في تكريره مع حصول اليأس من البعض أو قصد به ذمهم بأن الذكرى لا تنفعهم كقولك عظه إن اتعظ أي لا يتعظ.