وتذكر الآية التالية القسم الثّاني، بقولها: (ويتجنبها الأشقى) (3).
وجاء عن ابن عباس، إنّ الآية السابقة: (سيذّكر من يخشى) نزلت في (عبد اللّه بن اُم مكتوم) (4)، ذلك البصير المؤمن الذي جاء إلى النّبي (ص) طلباً للحق والتبصر به.
وروي، إنّ الآية: (ويتجنبها الأشقى) نزلت في (الوليد بن المغيرة) و (عتبة بن ربيعة) من رؤوس الشرك والكفر (5).
وقيل: يراد بالأشقى، المعاندين للحق بعداء، فالنّاس على ثلاثة أقسام: إمّا عارف وعالم، وإمّا متوقف شاك، أو معاند، وأفراد الطائفة الاُولى والثّانية ينتفعون من التذكير طبيعياً، فيما لا ينفع القسم الثّالث منهم، وليس للتذكير من أثر عليه سوى إتمام الحجّة.
ويُفهم من سياق الآية، أنّ النّبي (ص) كان ينذر ويعظ حتى المعاندين، لكنّهم كانوا يتجنبونه ويهربون منه.
يبدو من خلال الآيتين الآنفتي الذكر أنّ "الشقاء" يقابل "الخشية" في حين أنّ (السعادة) هي التي تقابله، ولعل هذا التقابل يستبطن حقيقة كون أساس سعادة الإنسان مبنية على إحساسه بالمسؤولية وخشيته.
﴿وَيَتَجَنَّبُهَا﴾ أي الذكرى ﴿الْأَشْقَى﴾.