التّفسير:
إمهال الظالمين... والإنتقام!
بعد أن تضمّنت الآيات الاُولى خمسة أقسام حول معاقبة الطغاة، تأتي هذه الآيات لتعرض لنا نماذج من طواغيت الأرض من الذين توفرت لهم بعض سبل القوّة والقدرة، فأهوتهم أهوائهم في قاع الغرور والكفر والطغيان، وتبيّن لنا الآيات المباركة ما حلّ بهم من عاقبة أليمة، محذرة المشركين في كلّ عصر ومصر على أن يرعووا ويعودوا إلى رشدهم بعد أن يعيدوا حسابهم ويستيقظوا من غفلتهم، لأنّهم مهما تمتعوا بقوّة وقدرة فلن يصلوا لما وصل إليه الأقوام السالفة، وينبغي الإتعاظ بعاقبتهم، وإلاّ فالهلاك والعذاب الأبدي ولا غير سواه.
وتبتدأ الآيات بـ : (ألم تر كيف فعل ربّك بعاد).
المراد "بالرؤية" هنا، العلم والمعرفة لما وصلت إليه تلك الأقوام من الشهرة بحال بحيث أصبح من جاء بعدهم يعرف عنهم الشيء الكثير وكأنّه يراهم باُمّ عينيه ولذا جاء في الآية: (ألم تر).
ومع أنّ المخاطب في الآية هو النّبي الأكرم (ص)، إلاّ أنّ الخطاب موجّه إلى الجميع.
"عاد": هم قوم نبي اللّه هود (ع)، ويذكر المؤرخون أنّ اسم "عاد" يطلق على قبيلتين... قبيلة كانت في الزمن الغابر البعيد، ويسميها القرآن الكريم بـ "عاد الاُولى"، كما في الآية (50) من سورة النجم، (ويحتمل أنّها كانت قبل التاريخ).
ويحددون تاريخ القبيلة الثّانية بحدود (700) سنة قبل الميلاد، وكانت تعيش في أرض الأحقاف أو اليمن.
وكان أهل عاد أقوياء البنية، طوال القامة، لذا كانوا يعتبرون من المقاتلين الأشداد، هذا بالإضافة إلى ما كانوا يتمتعون به من تقدّم مدني، وكانت مدنهم عامرة وقصورهم عالية وأراضيهم يعمها الخضار.
وقيل: إنّ "عاد" هو اسم جدّ تلك القبيلة، وكانت تسمى القبيلة بـ (عادة).
﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ﴾.