وتعرض الآية التالية ثالث أعمالهم القبيحة: (وتأكلون التراث أكلاً لمَاً) (4).
ممّا لا شكّ فيه أنّ الاستفادة من الميراث المشروع عمل غير مذموم، ولذا فيمكن أن يكون المذموم في الآية أحد الاُمور التالية:
الأوّل: الجمع بين حقّ الإنسان وحقّ الآخرين في الميراث، لأنّ كلمة "لمّ" بمعنى الجمع، وفسّرها الزمخشري في الكشّاف بمعنى الجمع بين الحلال والحرام.
وكانت عادة العرب في الجاهلية أن يحرموا النساء والأطفال من الإرث لاعتقادهم بأنّه نصيب المقاتلين (لأنّ أكثر أموالهم تأتيهم عن طريق السلب والإغارة).
الثّاني: عدم الإنفاق من الإرث على المحرومين والفقراء من الأقرباء وغيرهم، فإن كنتم تبخلون بهذه الأموال التي وصلت إليكم بلا عناء، فأنتم أبخل فيما تكدّون في تحصيله، وهذا عيب كبير فيكم.
الثّالث: هو أكل إرث اليتامى والتجاوز على حقوق الصغار، وذلك من أقبح الذنوب، لأنّ فيه استغلال فاحش لحقّ مَن لا يستطيع الدفاع عن نفسه.
والجمع بين هذه التّفاسير الثلاث ممكن (5).
﴿وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ﴾ الميراث ﴿أَكْلًا لَّمًّا﴾ ذا لم أي جمع لجمعهم نصيب النساء والصبيان مع نصيبهم ويأكلون الكل.