التّفسير:
الشّرف العظيم:
وتنتقل السّورة في آخر مطافها إلى تلك النفوس المطمئنة ثقة باللّه وبهدف الخلق، بالرغم من معايشتها في خضم صخب الحياة الدنيا، فتخاطبهم بكلّ لطف ولين ومحبّة، حيث تقول: (يا أيّتها النفس المطمئنة)... (ارجعي إلى ربّك راضية مرضيّة)... (فادخلي في عبادي)... (وادخلي جنّتي).
فهل ثمّة أجمل وألطف من هذا التعبير!...
تعبير يحكي دعوة اللّه سبحانه وتعالى لتلك النفوس المؤمنة، المخلصة، المحبّة والواثقة بوعده جلّ شأنه... دعوتها لتعود إلى ربّها ومالكها ومصلحها الحقيقي....
دعوة مفعمة برضا الطرفين، رضا العاشق على معشوقه، ورضا المعشوق على عاشقه....
وتتوج تلك النفوس الطاهرة بتاج العبودية، لتدخل في صف المقرّبين عند اللّه، ولتحصل على إذن دخول جنان الخلد، وما قوله تعالى: "جنتي" إلاّ للإشارة إلى أنّ المضيف هو اللّه جلّ جلاله... فما أروعها من دعوة! وما أعظمه وأكرمه من داع! وما أسعده من مدعو!
ويراد بالنفس هنا: الروح الإنسانية.
"المطمئنة": إشارة إلى الإطمئنان الحاصل من الإيمان، بدلالة الآية (28) من سورة الرعد: (ألا بذكر اللّه تطمئن القلوب).
ويعود اطمئنان النفس، لإطمئنانها بالوعود الإلهية من جهة، ولإطمئنانها لما اختارت من طريق...وهي مطمئنة في الدنيا سواء أقبلت عليها أم أدبرت، ومطمئنة عند أهوال حوادث يوم القيامة الرهيبة أيضاً.
﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ﴾ بذكر الله أو بحصول العقائد الصحيحة أو الآمنة ثقة بوعد الله.