وتعاقبها بالولادة من أعجب بدائع الكون، ولذلك خصّها اللّه تعالى بالقسم ولا يُستبعد الجمع بين هذه التفاسير وإن كان الأوّل أنسب. (لقد خلقنا الإنسان في كبد).
وهذا هو الهدف النهائي للقسم "الكبد" كما يقول الطبرسي في مجمع البيان في الأصل بمعنى "الشدّة" ولذا يقال للّبن إذا استغلظ "تكبّد اللّبن" ولكن كما يقول الراغب في مفرداته أنّ "كبد" ألم يصيب الكَبِد، ثمّ اُطلق على كلّ ألم ومشقّة.
نعم... الإنسان يمرّ في دورة حياته بمراحل كلّها مشوبة بالألم ومقرونة بالعناء.
منذ أن يستقرّ نطفة في رحم اُمه حتى ولادته، ثمّ بعد ولادته في مراحل طفولته وشبابه وشيخوخته يعاني من ألوان والمشاق والآلام، هذه طبيعة الحياة، ومن توقّع منها غير ذلك خيّبت ظنّه.
يقول الشاعر:
طبعت على كدر وأنت تريدها صفواً من الأكدار والأقذار
ومكلّف الأيّام ضد طباعها متطلب في الماء جذوة نار
وهذه الحالة تشمل كلّ أبناء البشر دونما استثناء، بمن فيهم أنبياء اللّه وأولياؤه الصالحون.
﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ﴾ جنسه ﴿فِي كَبَدٍ﴾ تعب وشدة إذ يكابد الشدائد من وقت احتباسه في ضيق الرحم إلى الموت وما بعده