وأخيراً القسم الحادي عشر والقسم الثّاني عشر بالنفس الإنسانية وبارئها: (ونفس وما سوّاها).
قيل إنّ المراد بالنفس هنا روح الإنسان، وقيل إنّه جسمه وروحه معاً.
ولو كان المراد من النفس الروح، "سواها" تعني إذن نظمها وعدّل قواها ابتداء من الحواس الظاهرة وحتى قوّة الإدراك، والذاكرة، والانتقال، والتخيل، والابتكار، والعشق، والإرادة، والعزم ونظائرها من الظواهر المندرجة في إطار "علم النفس".
ولو كان المراد من النفس الروح والجسم معاً، فالتسوية تشمل أيضاً ما في البدن من أنظمة وأجهزة يدرسها علم التشريح وعلم الفسلجة.
وفي القرآن الكريم وردت "نفس" بكلا المعنيين، بمعنى الروح، كقوله سبحانه في الآية (42) من سورة الزمر: (اللّه يتوفّى الأنفس حين موتها...) وبمعنى الجسم، كقوله سبحانه في الآية (33) من سورة القصص: (قال ربّ إنّي قتلت منهم نفساً فأخاف أن يقتلون).
والأنسب هنا أن يكون معنى النفس هنا شاملاً للمعنيين لأن قدرة اللّه سبحانه تتجلى في الإثنين معاً.
ويلاحظ أن الآية ذكرت كلمة "نفس" نكرة وفي ذلك إشارة إلى ما في النفس من عظمة تفوق قدرة التصوّر وإلى ما يحيطها من إبهام، يجعلها موجوداً مجهولاً.
وهذا ما حدا ببعض العلماء المعاصرين أن يتحدث عن الإنسان في كتابه تحت عنوان: "الإنسان ذلك المجهول".
﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا﴾ عدل خلقها وما في الثلاثة بمعنى من وأوثرت عليها لقصد معنى الوصفية كأنه قيل والقادر الذي بناها.