ثمّ يأتي التحذير لهؤلاء البخلاء المغفلين بالآية: (وما يغني عنه ماله إذا تردى).
لا يستطيع أن يصطحب ماله من هذه الدنيا، ولا يستطيع هذا المال - إذا اصطحبه - أن يقيه من السقوط في نار جهنّم.
"ما" في الآية قد تكون نافية، وقد تكون للإستفهام الإنكاري، أيّ ماذا يجديه المال إذا سقط في حفرة القبر أو في هاوية جهنّم؟!
"تردى" من (الردى) بمعنى الهلاك، وبمعنى السقوط من مكان مرتفع يؤدي إلى الهلاك، وقيل إن أصل الكلمة بمعنى السقوط: ولما كان السقوط من مكان مرتفع يؤدي إلى الهلاك، فقد اُطلقت الكلمة واُريد بها الهلاك، والتردى في الآية قد يعني السقوط في القبر، أو في جهنّم، أو بمعنى الهلاك الذي هو جزاء هؤلاء.
وبهذا... تحدثت الآيات الكريمات عن مجموعتين: الاُولى: مؤمنة، تقية، سخية; والثّانية: خاوية الإيمان، عديمة التقوى، بخيلة ونموذج المجموعتين موجود في سبب نزول الآيات بوضوح.
المجموعة الاُولى، طوت طريقها بيسر بتوفيق اللّه، واتجهت نحو الجنّة ونعيمها، بينما المجموعة الثّانية، واجهت في مسيرتها الحياتية المشاكل المتفاقمة جمعت الأموال الطائلة، وتركتها وولت تجرّ أذيال الحسرة والهّم والويال، ولم تنل سوى العقاب الإلهي.
﴿وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ﴾ نفي واستفهام بمعناه ﴿ إِذَا تَرَدَّى﴾ في النار أو مات من الردى والهلاك.