التّفسير:
الشكر على كلّ هذه النعم الإلهية:
ذكرنا أنّ هدف هذه السّورة المباركة تسلية قلب النّبي (ص) وبيان الطاف اللّه التي شملته، وهذه الآيات المذكورة أعلاه تجسد للنّبي ثلاث هبات من الهبات الخاصّة التي أنعم اللّه بها على النّبي، ثمّ تأمره بثلاثة أوامر. (ألم يجدك يتيماً فآوى).
فقد كنت يا محمّد في رحم اُمّك حين توفي والدك فآويتك إلى كنف جدّك عبد المطلب (سيد مكّة).
وكنت في السادسة حين توفيت والدتك، فزاد يتمك، لكنني زدت حبّك في قلب "عبد المطلب".
وكنت في الثامنة حين رحل جدّك "عبدالمطلب"، فسخرت لك عمّك "أبا
طالب"، وليحافظ عليك كما يحافظ على روحه.
نعم، كنت يتيماً فآويتك.
وقيلت في معنى هذه الآية آراء آُخرى تبتعد عن ظاهرها.
كقولهم إنّ اليتيم هو الفريد في فضائله وخصائله الحميدة، فتقول مثلاً للجوهرة الفريدة "درّة يتيمة"... ويكون المعنى حينئذ أنّ اللّه وجدك في فضائلك فريداً ليس لك نظير، ولذلك اختارك للنبوّة.
وكقولهم: إنّك كنت يوماً يتيماً، وأصبحت ملاذاً للأيتام وقائداً للبشرية.
المعنى الأوّل دون شك أنسب وبظاهر الآية الصق.
﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى﴾ فضمك إلى جدك عبد المطلب ثم إلى عمك أبي طالب فعطفه عليك.