ثمّ يأتي ذكر الموهبة الثّانية. (ووضعنا عنك وزرك) أي ألم نضع عنك الحمل الثقيل. (الذي انقض ظهرك).
"الوزر" بمعنى الثقل، ومنها "الوزير" الذي يحمل أعباء الدولة، وسمّيت الذنوب "وزراً" لأنّها تثقل كاهل صاحبها.
"انقض" من (النقض) أي حلّ عقدة الحبل، أو فصل الأجزاء المتماسكة من البناء، و"الإنتقاض" صوت انفصال اجزاء البناء عن بعضها، أو صوت فقرات الظهر حين تنوء بعبء ثقيل.
والكلمة تستعمل أيضاً في نكث العهود وعدم الإلتزام بها، فيقال نقض عهده.
والآية تقول إذن، اللّه سبحانه وضع عنك أيّها النّبي ذلك الحمل الثقيل القاصم الظهر.
وأي حمل وضعه اللّه عن نبيّه؟ القرائن في الآيات تدل على أنّه مشاكل الرسالة والنّبوّة والدعوة إلى التوحيد وتطهير المجتمع من ألوان الفساد، وليس نبيّ الإسلام وحده بل كلّ الأنبياء في بداية الدعوة واجهوا مثل هذه المشاكل الكبرى، وتغلبوا عليها بالإمداد الإلهي وحده، مع فارق في الظروف، فبيئة الدعوة الإسلامية كانت ذات عقبات أكبر ومشاكل... نزوله.
وقيل أيضاً: أنّ "الوزر" يعني ثقل "الوحي" في بدايه نزوله.
وقيل: إنّه عناد المشركين وتعنتهم.
وقيل: إنّه أذاهم.
وقيل: إنّه الحزن الذي ألمّ بالنّبي لوفاة عمّه أبي طالب وزوجه خديجة.
وقيل: أيضاً إنّه العصمة وإذهاب الرجس.
والظاهر أنّ التّفسير الأوّل أنسب من غيره والتفاسير الأُخرى تفريع من التّفسير الأوّل.
﴿وَوَضَعْنَا﴾ حططنا ﴿عَنكَ وِزْرَكَ﴾ حملك الثقيل.