ويأتي التأكيد الآخر:
(إنّ مع العسر يُسراً).
لا تغتمّ أيّها النّبي، فالمشاكل والعقبات لا تبقى على هذه الحالة، ودسائس الأعداء لن تستمر، وشظف العيش وفقر المسلمين سوف لا يظلّ على هذا المنوال.
الذي يتحمل الصعاب، ويقاوم العواصف سوف ينال يوماً ثمار جهوده، وستخمد عربدة الأعداء، وتحبط دسائسهم، ويتمهّد طريق التقدم والتكامل ويتذلل طريق الحق.
بعض المفسّرين ذهب إلى أنّ هذه الآيات تشير إلى فقر المسلمين في معيشتهم خلال الفترة الاُولى من الدعوة، لكن المفهوم الواسع للآيات يستوعب كلّ ألوان المشاكل.
اُسلوب الآيتين يجعلهما لا تختصان بشخص النّبي (ص) وبزمانه، بل بصورة قاعدة عامّة مستنبطة ممّا سبق.
وتبشّر كلّ البشرية المؤمنة المخلصة الكادحة، وتقول لها: كّل عسر إلى جانبه يسر، ولم ترد في الآية كلمة "بعد" بل "مع" للدلالة على الإقتران.
نعم، كلّ معضلةً ممزوجة بالإنفراج، وكلّ صعوبة باليسر، والإقتران قائم بين الإثنين أبداً.
وهذا الوعد الإلهي يغمر القلب نوراً وصفاءً.
ويبعث فيه الأمل بالنصر، ويزيل غبار اليأس عن روح الإنسان (6).
وعن رسول اللّه (ص) قال: "واعلم أنّ مع العسر يسراً، وأنّ مع الصبر النصر، وأنّ الفرج مع الكرب...". (7)
وروي أنّ إمرأة شكت زوجها لأمير المؤمنين علي (ع)، لعدم إنفاقه عليها، وكان الزوج معسراً فأبى علي أن يسجن الزوج وقال للمرأة: إنّ مع العسر يسراً (ودعاها إلى الصبر). (8)
﴿إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ تأكيد أو استئناف وعد بأن مع العسر يسرا آخر في الآخرة وعليه توجه حديث لن يغلب عسر يسرين بأن العسر معرف فيتحد سواء كان للجنس أو العهد واليسر منكر فيتعدد لرجحان تغايرهما نظرا إلى سبقت رحمتي غضبي.