لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
التّفسير: تبدأ السّورة بالقسم أربع مرّات لبيان أمر مهم: (والتّين، والزيتون). (وطور سينين). (1) (وهذا البلد الأمين). (التين) و (الزيتون) ثمرتان معروفتان، واختلف المفسّرون في المقصود بالتين وبالزيتون، هل هما الفاكهتان المعروفتان أم شيء آخر. بعضهم ذهب إلى أنّهما الفاكهتان بما لهما من خواص عذائية وعلاجية كبيرة. وبعض آخر قال: المقصود منهما جبلان واقعان في مدينتي "دمشق" و"بيت المقدس" لأنّ المكانين منبَثَق كثير من الرسل والأنبياء... وبذلك ينسجم هذان القَسمان مع ما يليهما من قَسمين بأراض مقدّسة. وقال آخرون: إنّ تسمية الجبلين بالتين والزيتون يعود إلى وجود أشجار التين على أحدهما والزيتون على الآخر. وقال بعضهم: إنّ التين إشارة إلى عهد آدم، إذ أنّ آدم وحواء طفقا يضعان على عوراتهما من ورق التين في الجنّة، والزيتون إشارة إلى عهد نوح لأنّه اطلق في آخر مراحل الطوفان حمامة فعادت وهي تحمل غصن الزيتون، ففهم نوح (ع) أن الأرض بدأت تبتلع ماءها وظهرت اليابسة. (لذلك اتخذ غصن الزيتون رمزاً للسلام). وقيل: إنّ التين إشارة إلى مسجد نوح الذي بني فوق جبل الجودي. والزيتون إشارة إلى بيت المقدّس. ظاهر الآية يدلّ على أنّ المقصود هو الفاكهتان المعروفتان، ولكن القَسمين التاليين يجعلان تفسير التين والزيتون بالجبلين أو المركزين المقدسين أنسب. (طور سينين) قيل هو: طور سيناء، وهو الجبل المعروف في صحراء سيناء حيث أشجار الزيتون المثمرة، وحيث ذهب موسى لمناجاة ربّه، و"سيناء" تعني المبارك، أو كثير الأشجار، أو الجميل. وقيل: إنّه جبل قرب الكوفة في أرض النجف. وقيل: إنّ سينين وسيناء بمعنى واحد وهو كثير البركة. (وهذا البلد الأمين) (2)، والبلد الأمين مكّة، الأرض التي كانت في عصر الجاهلية أيضاً بلداً آمناً وحرماً إلهياً، ولا يحق لأحد فيها أن يتعرض لأحد، المجرمون والقتلة كانوا في أمان إن وصلوا إليها أيضاً. هذه الأرض لها في الإسلام أهمية عظمى، الحيوانات والنباتات والطيور فيها آمنة فما بالك بالإنسان. ويذكر أنّ كلمة "التين" وردت في هذا الموضع من القرآن فقط، بينما كلمة الزيتون تكررت في ستة مواضع باللفظ وفي موضع بالإشارة حيث يقول سبحانه: (وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للأكلين) (3) وهي شجرة الزيتون. إذا حملنا كلمتي "التين" و"الزيتون" على معناهما الظاهر الإبتدائي، فالقسم بها ذو دلالة عميقة أيضاً. "التين" فاكهة ذات مواد غذائية ثرّة، ولقمة مغذية ومقوية لمختلف الأعمار، وخالية من القشر والنواة والزوائد. علماء الأغذية يقولون: يمكن الإستفادة من التين كسكّر طبيعي للأطفال ويمكن للرياضيين ولمن يعانون ضعف الشيخوخة أن يستفيدوا من التين للتغذية. يقال إنّ أفلاطون كان يحبّ التين إلى درجة اطلق بعضهم على هذه الفاكهة اسم محبوب الفلاسفة، وسقراط كان يرى في التين عاملاً على جذب المواد النافعة ورفع المواد الضارة. جالينوس كان قد وضع نظام تغذية خاص للأبطال من التين، وكان الرومان واليونان القدماء يغذون أبطالهم بالتين. علماء التغذية يقولون: التين مليء بالفيتامينات المختلفة والسكر، ويمكن الإستفادة منه لعلاج كثير من الأمراض، وحين تخلط نسب متساوية من التين والعسل يكون الخليط مفيداً لقرحة المعدة، وتناول التين اليابس يقوي الفكر، وبإيجاز التين، لما فيه من عناصر معدنية تؤدي إلى تعادل قوى البدن والدم، يعتبر غذاء لمختلف الأعمار والظروف. وروي عن الإمام علي بن موسى الرضا (ع) قال: "التين يذهب بالبخر ويشدّ الفم والعظم، وينبت الشعر، ويذهب بالداء، ولا يحتاج معه إلى دواء". وقال (ع) : "التين أشبه شيء بنبات الجنّة". (4) وحول الزيتون، فإنّ العلماء الذين قضوا عمرهم في دراسة خواص النباتات يعيرون أهمية بالغة للزيتون وزيته. ويعتقدون أنّ الفرد إن أراد أن يعيش في سلامة دائمة فلابدّ له أن يستفيد من هذا الأكسير الحياتي. زيت الزيتون صديق حميم لكبد الإنسان، وله تأثير فعّال في معالجة عوارض الكلى، وحصى الصفراء، والتشنجات الكليوية والكبدية، وإزالة الإمساك. ولذلك ورد ذكر شجرة الزيتون في القرآن الكريم بعبارة: (شجرة مباركة). وزيت الزيتون مفعم أيضاً بأنواع الفيتامينات وفيه الفوسفور والكبريت والكلسيوم والحديد والبوتاسيوم والمنغنيز الضمادات التي تحضّر من زيت الزيتون والثوم مفيدة لأنواع الآلام الروماتيسمية، وحصى كيس الصفراء تزول بتناول زيت الزيتون. (5) وروي عن أمير المؤمنين علي (ع) قال: "ما أفقر بيت يأتدمون بالخل والزيت وذلك أدام الأنبياء" (6)، والزيت هو زيت الزيتون. وعن الإمام علي بن موسى الرضا (ع) قال: "نِعم الطعام الزيت، يطيب النكهة، ويذهب بالبلغم، ويصفي اللون، ويشدّ العصب، ويذهب بالوصب (المرض والألم والضعف) ويطفيء الغضب". (7) ومسك الختام حديث عن رسول اللّه (ص) في هذا المجال قال: "كلوا الزيت وادهنوا به فإنّه من شجرة مباركة" (8). ﴿وَطُورِ سِينِينَ﴾ الجبل الذي كلم الله عليه موسى وسينين الحسن أو المبارك أو اسم لمكان الطور كسيناء.