الآية التي بعدها، تشير أيضاً إلى ذريعة أُخرى من ذرائع هؤلاء المجرمين المتعللين بالمعاذير، فتقول: (وقال الذين كفروا لولا نزّل عليه القرآن جملة واحدة).
أليس القرآن جميعه من قبل الله!؟ أليس من الأفضل أن ينزل جميع محتوى هذا الكتاب دفعة واحدة حتى يقف الناس على عظمته أكثر؟ ولماذا تتنزل هذه الآيات تدريجياً وعلى فواصل زمنية مختلفة؟
و قد يأخذ هذا الإشكال في كيفية نزول القرآن مأخذه من الأفراد السطحيين، خاصّة إذا كانوا من المتمحلين للأعذار بأن هذا الكتاب السماوي العظيم الذي هو أساس ومصدر كل حياة المسلمين، ومحور كل قوانينهم السياسية و الإجتماعية والحقوقية والعبادية، لماذا لم ينزل كاملا ودفعة واحدة على نبيّ الإسلام(ص) ، حتى يقرأه أتباعه من البداية إلى النهاية فيطلعون على محتواه. واساساً فقد كان الأفضل للنبي(ص) أيضاً أن يكون ذا اطلاع على جميع هذا القرآن دفعة واحدة، كيما يجيب الناس فوراً على كل ما يسألونه ويريدون منه.
ولكن القرآن في تتمة نفس هذه الآية يجيبهم: (وكذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا).وقد غفل اُولئك السطحيون عن هذه الحقيقة، فلا شك أن نزول القرآن التدريجي له ارتباط وثيق بتثبيت قلب النّبي(ص) والمؤمنين، وسيأتي بحث مفصل عن ذلك في نهاية هذه الآيات.
﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا﴾ هلا ﴿نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ﴾ أنزله ﴿جُمْلَةً وَاحِدَةً﴾ مجتمعا كالكتب الثلاثة ﴿كَذَلِكَ﴾ نزل مفرقا ﴿لِنُثَبِّتَ بِهِ﴾ لنقوي بتفريقه ﴿فُؤَادَكَ﴾ على حفظه إذ كان أميا بخلاف الأنبياء الثلاثة ﴿وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا﴾ نزلناه شيئا بعد شيء في نحو عشرين سنة أو أمرنا بترتيله أي تبيينه والتأني في قراءته.