لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
ونحن سندع أيضاً زبانية جهنم: (سندع الزبانية) ليعلم هذا الجاهل الغافل أنّه عاجز عن فعل أي شيء وإنّه في قبضة خزنة جهنم كقشة في مهبّ الريح. "النادية" من مادة (ندا) وهو المكان الذي يجتمع فيه القوم، وتارة يطلق على مركز التفريح، لأنّ القوم فيه ينادي بعضهم بعضاً، أو من "النَّدا" بمعنى الكرم، لأنّ الأفراد يكرم فيه بعضهم بعضاً. ومنه أيضاً "الندوة" وهي مكان يتشاور فيه الجماعة. و"دار الندوة" مقر معروف لتشاور قريش. و"النادي" في الآية يقصد به القوم الذين يجتمعون في النادي. وأرادت منه الآية اُولئك الذين يستند إليهم أمثال أبي جهل من أهل وعشير وأصحاب. و"الزبانية" جمع "زبنية" وهو في الأصل بمعنى الشرطة من مادة "زَبن" - على زنة متن - وهو الدَفع والردع والإبعاد. وهنا بمعنى ملائكة العذاب وخزنة جهنم. وفي آخر آية من السّورة وهي آية السجدة يقول سبحانه: (كلاّ) أي ليس الأمر كما يتصور بأنّه قادر على أن يمنع سجودك: (لا تطعه واسجد واقترب) فأبو جهل أقل من أن يستطيع منع سجودك أو الوقوف بوجه دينك، فتوكل على اللّه وأعبده واسجد له، وبذلك تقترب منه سبحانه على هذا المسير أكثر فأكثر. ويستفاد ضمنياً من هذه الآية أن "السجود" عامل اقتراب من اللّه، ولذا ورد في الحديث: "أقرب ما يكون العبد من اللّه إذا كان ساجداً". وفي روايات أهل البيت (ع) أنّ القرآن يتضمّن أربعة مواضع فيها سجود واجب وهي في "ألم السجدة" و"فصلت" و"النجم" وفي هذه السّورة "العلق" وبقية المواضع السجدة فيها مستحبة. ملاحظة: الطغيان والإحساس بالإستغناء: أغلب مفاسد العالم مصدرها الفئات المرفهة والمستكبرة في المجتمع. وهذه الفئات كانت دائماً في مقدمة أعداء دعوة الأنبياء. وهؤلاء يطلق عليهم القرآن أحياناً: (الملأ) (4) وأحياناً (المترفين) (5) وأحياناً (المستكبرين) (6). المجموعة الاُولى: هم الأشراف المنتفشون في الظاهر، الفارغون في الداخل. والثّانية: هم الغارقون في الرخاء ويعيشون في سكرة وغرور بمعزل عن الآم الآخرين. والثّالثة: هم الراكبون رؤوسهم كبراً وغروراً والغافلون عن اللّه وعن الخلق. ودافع كل اُولئك إحساسهم بالإستغناء، وهذه طبيعة أفراد أفق تفكيرهم ضيق، تسكرهم النعمة، ويزلزل توازنهم المال والمقام، فيغطون في شعور بالإستغناء ينسيهم ذكر اللّه، بينما نعلم أنّ نسمة من الهواء قادرة على أن تطوي سجل أيّامهم، وأنّ حادثة كسيل أو زلزال أو صاعقة قادرة على أن تبيد أموالهم... وأنّ شرقة بالماء قادرة على أن تخطف أرواحهم. أية غفلة هذه تصيب جماعة تجعلهم يشعرون بالإستغناء، وتدفعهم إلى امتطاء مركب الغرور ليصولوا ويجولوا في الساحة الإجتماعية!! نستجير باللّه من هذا الجهل ومن هذه الغفلة والطغيان! وللتغلب على هذه الحالة يكفي أن يلتفت الإنسان قليلاً إلى ضعفه الشديد وإلى قدرة اللّه المطلقة، وأن يتصفح تاريخ السابقين ليرى مصير أقوام أكثر منه قوّة ومكنة. اللّهم احفظنا من الكبر والغرور فهما أساس الإبتعاد عنك. ربّنا! لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين في الدنيا والآخرة يا ربّ العالمين! وفقنا لأن نمرّغ في التراب اُنوف هؤلاء المستكبرين المغرورين الذين يصدون عن سبيلك، وأن نحبط مخططاتهم ومؤامراتهم. آمين يا ربّ العالمين نهاية سورة العلق ﴿سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ﴾ خزنة جهنم فيأخذوه إليها.