القرآن الكريم يردّ على هؤلاء ويقول: (كلاّ لينبذنّ في الحطمة) كلاّ، ليس الأمر كما يتصور، فسرعان ما يقذف باحتقار وذلّة في نار محطّمة (وما أدراك ما الحطمة، نار اللّه الموقدة، التي تطّلع على الأفئدة).
"لينبذنّ" من نبذ، أي - كما يقول الراغب في مفرداته - رمي الشيء لتفاهة قيمته.
أي إنّ اللّه سبحانه يرمي هؤلاء المغرورين المتعالين يوم القيامة في نار جهنّم كموجودات تافهة لا قيمة لها، ليروا نتيجة كبرهم وغرورهم.
"الحطمة" صيغة مبالغة من "حطّم" أي هشّم.
وهذا يعني أنّ نار جهنّم تهشّم أعضاء هؤلاء.
ويستفاد من بعض الرّوايات أن "الحطمة" ليست كلّ نار جهنّم، بل هي طبقة رهيبة في حرارتها. (12)
مفهوم تهشّم الأعضاء بدل احتراقها في نار جهنّم، ربّما صعب فهمه في الماضي.
ولكن المسألة اليوم ليست بعجيبة بعد أن إتضحت شدّة تأثير أمواج الإنفجار، وتبيّن أن الأمواج الناتجة عن انفجار كبير قادرة على تهشيم الإنسان، بل تهشيم العمارات الضخمة باعمدتها الحديدية المستحكمة.
عبارة "نار اللّه" دليل على عظمة هذه النّار، و"الموقدة" تعني استعارها المستمر.
والعجيب أنّ هذه النّار ليست مثل نار الدنيا التي تحرق الجلد أوّلاً ثمّ تنفذ إلى الداخل، بل هي تبعث بلهبها أوّلاً إلى القلب، وتحرق الداخل وتبدأ أوّلاً بالقلب ثمّ بما يحيطه، ثمّ تنفذ إلى الخارج.
ما هذه النّار التي تبعث بشررها إلى قلب الإنسان أوّلاً؟!
ما هذه النّار التي تحرق الداخل قبل الخارج؟!
كلّ شيء في القيامة عجيب، ومختلف كثيراً عن هذا العالم، حتّى إحراق نارها.
لماذا لا تكون كذلك، وقلوب هؤلاء الطاغين مركز للكفر والكبر والغرور، وبؤرة حبّ الدنيا والثروة والمال؟!
لماذا لا تسيطر نار الغضب الإلهي على قلوب هؤلاء قبل أي شيء آخر وهم في هذه الدنيا احرقوا قلوب المؤمنين بسخريتهم وهمزهم ولمزهم؟!
العدالة الإلهية تقتضي أن يرى هؤلاء جزاء يشبه أعمالهم.
﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ﴾ تعظيم لها هي.