ويجب أن نعرف الآن أين موضع هذا المصباح، وشكل موضعه؟ ليتّضح لنا ما كان ضرورياً إيضاحه في هذا المجال. لهذا تقول الآية التالية: إنّ هذه المشكاة تقع (في بيوت أذن الله أن ترفع) لكي تكون في مأمن من الشياطين والاعداء والانتهازيين (ويذكر فيها اسمه) ويتلى فيها القرآن والحقائق الإلهية.
وقد اعتبر العديد من المفسّرين هذه الآية مرتبطةً كما قلنا بالآية التي سبقتها(1). غير أن البعض من المفسّرين يرى أنّ هذه الجملة ترتبط بالجملة التي تليها، إلاّ أنّ ذلك بعيد عن الصواب.
أمّا ما أورده البعض وتساءل عن مدى تأثير هذا النور الباهر في البيوت المذكورة بتلك الخصوصيات، فجوابه واضح، لأنّ البيوت التي ورد ذكرها في هذه الآية والتي يحرسها رجال أشداء يقظون، هم الذين يحفظون هذه المصابيح المنيرة، إضافة إلى أن هؤلاء الرجال يبحثون عن مصدرِ نور، فيهرعون إليه بعد أن يتعرّفون على موضع هذا النور.
ولكن ماالمقصود من هذه البيوت؟
الجواب يتّضح بما ذكرته آخر الآية من خصائص حيث تقول: أنّه في هذه البيوت يسبّح أهلها صباحاً ومساءاً: (يسبح له فيها بالغدو والآصال) (2).
﴿فِي بُيُوتٍ﴾ متعلق بقوله ﴿كمشكاة﴾ أو ب ﴿يوقد﴾ مبالغة في عظم الممثل به إذ قناديل المسجد أعظم أو ب يسبح الآتي وتكرير فيها للتأكيد وعنه (عليه السلام) هي بيوت الأنبياء ﴿أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ﴾ أمر بتعظيمها أو بنائها ﴿وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ﴾ يتلى فيها كتابه أو عام في كل ذكر ﴿يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ﴾ يصلي.