(يختصّ برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم)(2).
هذا توكيد لما سبق أيضاً: إنّ الله يخصّ من عباده من يراه جديراً برحمته- بما في ذلك مقام النبوّة والقيادة- دون أن يستطيع أحد تحديده فهو صاحب الأفضال والنِعم العظيمة.
ويستفاد ضمناً من هذه الآية الكريمة أن الفضل الإلهي اذا شمل بعض الناس دون بعض، فليس ذلك لمحدودية الفضل الإلهي، بل بسبب تفاوت القابليات فيهم.
خطط قديمة تعتبر هذه الآيات، في الواقع، من آيات إعجاز القرآن، لأنّها تكشف أسرار
اليهود وأعداء الإسلام وتفضح خططهم لزعزعة مسلمي الصدر الأوّل، فتيقّظ المسلمون ببركتها، ووعوا وساوس الأعداء المغرية.
ولكنّنا لو دقّقنا النظر لأدركنا أنّ تلك الخطط تجري في عصرنا الحاضر أيضاً بطرق مختلفة.
إنّ وسائل إعلام الأعداء القوية المتطوّرة مستخدمة الآن للغرض نفسه، فهم يحاولون هدم أركان العقيدة الإسلامية في عقول المسلمين، وبخاصة الجيل الشاب.
وهم في هذا السبيل لا يتورّعون عن كلّ فرية، ويلجأون إلى كلّ السبل ويتلبّسون بلبوس العالم والمستشرق والمؤرّخ وعالم الطبيعيات والصحفي، بل حتّى الممثّل السينمائي.
إنّهم يصرّحون أنّ هدفهم ليس التبشير بالمسيحية وحمل المسلمين على اعتناقها، ولا اعتناق اليهودية، بل هدفهم هو هدم أُسس المعتقدات الإسلامية في أفكار الشباب، وجعلهم غير مهتمّين بدينهم وتراثهم.
إنّ القرآن اليوم يحذّر المسلمين من هذه الخطط كما حذّرهم في القديم.
﴿يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ فلا هداية ولا توفيق إلا من لطفه.