التّفسير
الميثاق المقدس:
بعد أن أشارت الآيات السابقة الى وجود علائم لنبيّ الإسلام في كتب الأنبياء السابقين، أشارت هذه الآية إلى مبدأ عام، وهو أنّ الأنبياء السابقين وأتباعهم قد أبرموا مع الله ميثاقاً بالتسليم للأنبياء الذين يأتون بعدهم، وبالإضافة إلى الإيمان بهم، لا يبخلون عليهم بشيء في مساعدتهم على تحقيق أهدافهم.
تقول الآية:
(وإذ أخذ الله ميثاق النبيين...).
في الواقع، مثلما أنّ الأنبياء والأُمم التالية تحترم الأنبياء السابقين ودياناتهم، فإنّ الأنبياء السابقين والأُمم السابقة كانوا يحترمون الأنبياء الذين يأتون بعدهم.
وفي القرآن إشارات كثيرة على وحدة الهدف عند أنبياء الله.
وهذه الآية نموذج حيّ على ذلك.
و"الميثاق" من "الوثوق"، أي ما يدعو إلى الإطمئنان به والإعتماد عليه.
و "الميثاق" هو الإتّفاق المؤكّد.
وأخذ الميثاق من الأنبياء مصحوب بأخذ الميثاق من أتباعهم أيضاً.
كان موضوع هذا الميثاق هو أنّه إذا جاء نبيّ تنسجم دعوته مع دعوتهم (وهذا ما يثبت صدق دعوته) فيجب الإيمان به ونصرته.
ثمّ لتوكيد هذا الموضوع جاءت الآية: (قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري)(1).
هل اعترفتم بهذا الميثاق وقبلتم عهدي وأخذتم من أتباعكم عهداً بهذا الموضوع؟
وجواباً على ذلك (قالوا أقررنا).
ثمّ لتوكيد هذا الأمر المهمّ وتثبيته يقول الله: كونوا شهداء على هذا الأمر وأنا شاهد عليكم وعلى أتباعكم (قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين).
﴿وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ﴾ أخذ الميثاق على الأنبياء قبل نبينا أن يبشروا أممهم به ويأمروهم بتصديقه ونصره أو أخذ على الأنبياء وأممهم بذلك واستغنى بذكرهم عن الأمم، وعن الصادق (عليه السلام) معناه أخذ ميثاق أممهم بالعمل بما أتوا به فما وفوا ﴿قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ﴾ فليشهد بعضكم على بعض بالإقرار ﴿وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ﴾ عليكم وعلى أممكم وهو تحذير بليغ.