لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
التّفسير المرحلة الخطيرة من الحرب: بعد إنتهاء معركة "أُحد" عاد المشركون المنتصرون إلى مكّة بسرعة، ولكنّهم بدالهم في أثناء الطريق أن لا يتركوا هذا الإنتصار دون أن يكملوه ويجعلوه ساحقاً، أليس من الأحسن أن يعودوا إلى المدينة، وينهبوها ويلحقوا بالمسلمين مزيداً من الضربات القاضية وأن يقتلوا محمّداً (ص) إذا كان لايزال حيّاً ليتخلصوا من الإسلام والمسلمين ويطمئن بالهم من ناحيتهم بالمرّة. لهذا صدر قرار بالعودة إلى المدينة، ولا ريب أنه كان أخطر مراحل معركة "أُحد" بالنظر إلى ما كان قد لحق بالمسلمين من القتل والجراحة والخسائر، الذي كان قد سلب منهم كلّ طاقة للدخول في معركة جديدة أو لإستئناف القتال، فيما كان العدو في ذروة القوّة والروحية العسكرية التي كانت تمكن العدو من تحقيق إنتصارات جديدة، وإحراز النتيجة لصالحه، فنهاية هذه العودة ونتيجتها كانت معروفة سلفاً. وقد بلغ خبر العودة هذه إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولولا شهامته البالغة، وقدرته المكتسبة من الوحي على الأخذ بزمام المبادرة لإنتهى تاريخ الإسلام وحياته عند تلك النقطة. في هذه المرحلة الحساسة بالذات نزلت الآيات الحاضرة لتقوي روحية المسلمين وتصعد من معنوياتهم، وفي أعقاب ذلك صدر أمر من النبي إلى المسلمين بالتهيؤ لمقابلة المشركين، فاستعد جميع المسلمين حتّى المجروحين (ومنهم الإمام علي (عليه السلام) الذي كان يحمل في جسمه أكثر من ستين جراحة) لمقابلة المشركين، وخرجوا بأجمعهم من المدينة لذلك. فبلغ هذا الخبر مسامع زعماء قريش فأرعبتهم هذه المعنوية العالية التي يتمتع بها المسلمون وظنوا أن عناصر جديدة التحقت بالمسلمين وإن هذا يمكن أن يغير نتائج المواجهة الجديدة لصالح المسلمين، ولذلك فكروا في العدول عن قرارهم بمهاجمة المدينة، حفاظاً على قواهم، وهكذا قفلوا راجعين إلى مكة بسرعة، وانتهت القضية عند هذا الحدّ. وإليك شرحاً للآيات التي نزلت لتقوّي روحية المسلمين، وتجبر ما نزل بهم من هزيمة في هذه المعركة. فقد بدأت هذه الآيات بتذكير المسلمين بما تحقق لهم من نصر ساحق بتأييد الله لهم في "بدر"(1) إذ قال سبحانه (ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة) وقد كان الهدف من هذا التذكير هو شد عزائم المسلمين وزرع الثقة في نفوسهم والإطمئنان إلى قدراتهم، والأمل بالمستقبل، فقد نصرهم الله وهم على درجة كبيرة من الضعف، وقلة العدد وضآلة العدة (حيث كان عددهم 313 مع امكانيات بسيطة قليلة، وكان عدد المشركين يفوق ألف مقاتل مع امكانيات كبيرة). فإذا كان الأمر كذلك فليتقوا الله، وليجتنبوا مخالفة أوامر النبي (ص) ليكونوا بذلك قد أدوا شكر المواهب الإلهية (فاتقوا الله لعلكم تشكرون). ثمّ تتعرض الآية اللاحقة لذكر بعض التفاصيل حول ما جرى في "بدر" إذ قالت: (إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين)أي اذكروا واذكر أيّها النبي يوم كنت تقول للمسلمين الضعفاء آنذاك اخرجوا وسيمدكم الله بالملائكة ألا يكفيكم ذلك لتحقيق النصر الساحق على جحافل المشركين المدججين بالسلاح؟ نعم أيها المسلمون لقد تحقّق لكم ذلك في "بدر" نتيجة صبركم واستقامتكم، واليوم يتحقّق لكم ذلك أيضاً إذا أطعتم أوامر النبي، وسرتم وفق تعليماته وصبرتم: (بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم(2) هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين). على أن نزول الملائكة هذا لن يكون هو العامل الأساسي لتحقيق هذا الإنتصار لكم بل النصر من عند الله، وليس نزول الملائكة إلاَّ لتطمئن قلوبكم (وما جعله الله إلاَّ بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلاّ من عند الله العزيز الحكيم) فهو العالم بسبل النصر ومفاتيح الظفر، وهو القادر على تحقيقه. ﴿وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ﴾ ضعفاء وجمع القلة للدلالة على قلتهم مع ذلتهم ﴿فَاتَّقُواْ اللّهَ﴾ في الثبات ﴿لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ بتقواكم وروي أن عدتهم ثلاثمائة وثلاثة عشر للمؤمنين.