بعد ذلك كله تشير الآية إِلى صفات الشيطان وأهدافه وعدائه الخاص لأبناء آدم وتتناول بالشرح بعضاً من خططه الدنيئة، وقبل كل شيء تؤكد أن الله قد أبعد الشيطان عن رحمته (لعنه الله).
وفي الحقيقة فإِنّ أساس شقاء وتعاسة الشيطان هو البعد عن رحمة الله، التي أصابته بسبب غروره وتكبره المفرطين، وبديهي أنّ من يكون بعيداً عن رحمة الله كالشيطان، يكون خاوياً من كل خير أو حسن، ولا يمكنه أن يترك خيراً أو حسناً في حياة غيره، وفاقد الشيء لا يعطيه، فهو لن يكون غير نافع فحسب، بل سيكون ضاراً أيضاً.
ثمّ تذكر الآية التالية أنّ الشيطان قد أقسم على أن ينفذ بعضاً من خططه:
أوّلها: أن يأخذ من عباد الله نصيباً معيناً، حيث تقول الآية حاكية قول الشيطان: (وقال لأتخذن من عبادك نصيباً مفروضاً) فالشيطان يعلم بعجزه عن اغواء جميع عباد الله، لأنّ من يستسلم لإِرادة الشيطان ويخضع له هم فقط اُولئك المنجرفون وراء الأهواء والنزوات، والذين لا إِيمان لهم، أو ضعاف الإِيمان.
﴿لَّعَنَهُ اللّهُ﴾ طرده عن رحمته ﴿وَقَالَ﴾ جامعا بين لعنه وقوله ﴿لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا﴾ مقطوعا فرضته لنفسي فكل من أطاعه فهو من نصيبه.