التّفسير
مصير المنافقين المعاندين:
تماشياً مع البحث الذي ورد في الآية السابقة والذي تناول وضع الكفار وضلالهم البعيد، تشير هذه الآيات الأخيرة إِلى وضع مجموعة من الكفار الذين يتلوّنون في كل يوم تلون الحرباء، فهم في يوم إِلى جانب المؤمنين، وفي يوم آخر إِلى جانب الكفار، ثمّ إِلى جانب المؤمنين، وفي النهاية إِلى جانب الكفار المعاندين، حتى يموتوا على هذه الحالة!
فالآية الأُولى من الآيات الثلاثة الأخيرة تتحدث عن مصير أفراد كهؤلاء، فتؤكد بأنّ الله لن يغفر لهم أبداً، ولن يرشدهم إِلى طريق الصواب: (إنّ الذين آمنوا ثمّ كفروا ثمّ آمنوا ثمّ كفروا ثمّ ازدادوا كفراً لم يكن الله ليغفر لهم ولا يليهديهم سبي).
إِنّ هذا السلوك الحربائي في التلون المتوالي، إمّا أن يكون نابعاً من الجهل وعدم إِدراك الأّسس الإِسلامية، وإمّا أن يكون خطّة نفّذها المنافقون والكفار المتطرفون من أهل الكتاب لزعزعة إِيمان المسلمين الحقيقيين، وقد سبق شرح هذا الموضوع في الآية (72) من سورة آل عمران.
ولا تدل الآية - موضوع البحث - على عدم قبول توبة أمثال هؤلاء، ولكنها تتناول أفراداً يموتون وهم في كفر شديد، فإِنّ هؤلاء - نتيجة لأعمالهم - لا يستحقون العفو والهداية إِلاّ إِذا غيروا اسلوبهم ذلك.
﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ﴾ كاليهود آمنوا بموسى ﴿ثُمَّ كَفَرُواْ﴾ بعبادة العجل ﴿ثُمَّ آمَنُواْ﴾ بعد ذلك ﴿ثُمَّ كَفَرُواْ﴾ بعيسى ﴿ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا﴾ بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) أو المنافقون تكرر منهم الإرتداد سرا بعد إظهار الإيمان ثم أصروا على الكفر ﴿لَّمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً﴾ إلى الجنة أو لا يلطف بهم.