وقد أشارت الآية الأخيرة إِلى المنافقين بأنّهم يتخذون الكفار اصدقاءاً يوأحباءاً لهم بد من المؤمنين، بقولها: (الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين).
ثمّ يأتي التساؤل في الآية عن هدف هؤلاء المنافقين من صحبة الكافرين، وهل أنّهم يريدون حقّاً أن يكتسبوا الشرف والفخر عبر هذه الصحبة؟ تقول الآية: (أيبتغون عندهم العزة) بينما العزة والشرف كلها لله (فإِنّ العزّة لله جميعاً) لأنّها تنبع من العلم والقدرة، وأن الكفار لا يمتلكون من القوّة والعلم شيئاً، ولذلك فإِنّ علمهم لا شيء أيضاً، ولا يستطيعون إِنجاز شيء لكي يصبحوا مصدراً للعزّة والشرف.
إِنّ هذه الآية - في الحقيقة - تحذير للمسلمين بأن لا يلتمسوا الفخر والعزّة في شؤونهم الإِقتصادية والسياسية والإِجتماعية والثقافية عن طريق إِنشاء علاقات الود والصداقة مع أعداء الإِسلام، بل إنّ عليهم أن يعتمدوا في ذلك على الذات الإِلهية الطاهرة التي هي مصدر للعزة والشرف كله، وأعداء الإِسلام لا عزّة لديهم لكي يهبوها لأحد، وحتى لو امتلكوها لما أمكن الركون إِليهم والإِعتماد عليهم، لأنّهم متى ما اقتضت مصالحهم الشخصية تخلوا عن أقرب حلفائهم وركضوا وراء مصالحهم، وكأنّهم لم يكونوا ليعرفوا هؤلاء الحلفاء مسبقاً، والتاريخ المعاصر خير دليل على هذا السلوك النفعي الإِنتهازي.
﴿الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ﴾ يطلبون ﴿عِندَهُمُ الْعِزَّةَ﴾ القوة والمنعة بموالاتهم ﴿فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا﴾ لا يعز إلا أولياءه.