وقد أوضحت الآية الثّالثة من الآيات الأخيرة، أنّ المجال مفتوح حتى لأكثر الناس تلوثاً للتوبة من أعمالهم وإِصلاح شأنهم، والسعي للتعويض بالخير عن ماضيهم المشين، والعودة إِلى رحمة الله والتمسك بحبله والإِخلاص لله بالإِيمان به تقول الآية: (إِلاّ الذين تابوا واصلحوا واعتصموا بالله واخلصوا دينهم لله).
يفالتائبون هؤلاء سيكونون أه للنجاة في النهاية ويستحقون صحبة المؤمنين، تقول الآية: (فاُولئك مع المؤمنين...).
وإِنّ الله سيهب ثواباً وأجراً عظيماً لكل المؤمنين (وسوف يؤت الله المؤمنين أجراً عظيماً).
وممّا يلفت النظر أنّ الآية تبيّن أن هؤلاء التائبين مع المؤمنين، وذلك للتدليل على أن منزلة المؤمنين الثابتين أكبر وأعظم من منزلة هؤلاء، فالمؤمنون الراسخون في إِيمانهم هم الأصل، وهؤلاء هم الفروع، وما يظهر عليهم من نور وصفاء إِنّما هو بسبب وجودهم في ظل المؤمنين الراسخين.
وهناك أمر ثان يجب الإِنتباه إِليه في هذه الآية، وهو أنّها بيّنت مسير المنافقين بصورة واضحة وصريحة، إِذ عينت لهم أحط نقطة من الجحيم مكاناً ومستقراً، بينما شخصت للمؤمنين الأجر والثواب العظيم الذي لا حدّ له ولا حصر، بل هو منوط بعظمة الله ولطفه جلت عظمته.
﴿إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ﴾ من نفاقهم ﴿وَأَصْلَحُواْ﴾ نياتهم ﴿وَاعْتَصَمُواْ بِاللّهِ﴾ وثقوا به ﴿وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ لِلّهِ﴾ بلا رياء وسمعة ﴿فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ رفقاؤهم في الدارين ﴿وَسَوْفَ يُؤْتِ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ فيشاركونهم فيه.