يأمّا الآية الأُخرى فتشير إِلى الذين كفروا وظلموا، إِذ ظلموا الحق أوّ لعدم التزامهم بالصواب، كما ظلموا أنفسهم بذلك - أيضاً - إِذ حرموها من السعادة وسقطوا في هوة الضلالة، وظلموا الآخرين حين منعوهم من التوجه إِلى طريق الحق والصواب، فهؤلاء لن يشملهم أبداً عفو الله، وإِن الله لا يهديهم أبداً إِلاّ إِلى طريق جهنم، تقول الآية: (إِنّ الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقاً إِلاّ طريق جنهم...).
فهؤلاء باقون وخالدون في جهنم دائماً وأبداً، كما تقول الآية: (خالدين فيها أبداً...).
وعلى هؤلاء أن يعلموا أنّ وعد الله حق، وأن تهديده يتحقق لا محالة، فليس ذلك على الله بالأمر الصعب تقول الآية: (وكان ذلك على الله يسيراً).
ونشاهد في الآيتين المذكورتين تأكيداً من طراز خاص حول هذا النوع من الكفار والعقوبات التي ينالونها - فمن جهة يوصف انحرافهم بالضلال البعيد، ومن جهة ثانية تؤكد الآية باستخدام عبارة (لم يكن الله...) أنّ العفو عن هؤلاء الكفار لا يليق بمنزلة الله سبحانه وتعالى، ومن جانب آخر فقد جاء التأكيد على خلود هؤلاء في النار والتشديد على أنّه خلود أبدي، لأنّ هؤلاء وأمثالهم بالإِضافة إِلى خروجهم عن جادة الحق وانحرافهم، سعوا إِلى إبعاد وحرف الآخرين عن هذا السبيل، وبذلك تحملوا مسؤولية وإِثماً عظيماً.
﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ﴾ جمعوا بين الكفر والظلم أو ظلموا محمدا بتكذيبه أو آل محمد حقهم كما روي ﴿لَمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ﴾ في القيامة ﴿طَرِيقاً﴾.