قصّة بقرة بني إسرائيل:
هذه الآيات تتحدث بالتفصيل عن حادثة اُخرى من حوادث تاريخ بني إسرائيل، هذا التفصيل لم نألفه في الآيات السابقة، ولعله يعود إلى أن هذه الحادثة ذكرت في هذا الموضع - لا غير - من القرآن الكريم، وإلى أنها تتضمن عِبَراً كثيرة تستوجب هذا التفصيل.
من هذه الدروس: لجاج بني إسرائيل وعنادهم، ومستوى إيمانهم بكلام موسى (عليه السلام) ، وأهمّ من كل هذا البرهنة على إمكان المعاد.
الحادثة (كما يبينها القرآن وكتب التّفسير) على النحو التالي: قتل شخص من بني إسرائيل بشكل غامض، ولم يعرف القاتل.
حدث بين قبائل بني إسرائيل نزاع بشأن هذه الحادثة، كل قبيلة تتهم الاُخرى بالقتل.
توجّهوا إلى موسى ليقضي بينهم.
فما كانت الأساليب الإِعتيادية ممكنة في هذا القضاء.
وما كان بالإِمكان إهمال هذه المسألة لما سيترتب عليها من فتنة بين بني إسرائيل.
لجأ موسى - بإذن الله - إلى طريقة إعجازية لحل هذه المسألة كما ستوضحها الآيات الكريمة.
يقوله سبحانه في هذه الآيات: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً﴾؟! ﴿قَالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾.
أي إن الإِستهزاء من عمل الجاهلين، وأنبياء الله مبرّأون من ذلك.
﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً﴾ قيل كان فيهم شيخ موسر فقتل ابنه بنو أخيه ليرثوه وطرحوه على باب المدينة وطالبوا بدمه فأمرهم الله أن يذبحوا بقرة ويضربوه ببعضها فيحيا ويخبرهم بقاتله وقيل قتلوا الشيخ وعن الصادق (عليه السلام) قتله ابن عمه ليتزوج ابنته وقد خطبها فرده وزوجها غيره ﴿قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً﴾ سخرية نأتيك بقتيل فتقول اذبحوا بقرة ﴿قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ أنسب إلى الله ما لم يقل لي.