التّفسير
تشير هذه الآيات إِلى المصير المشؤوم الذي انتهى إِليه الكافرون السابقون، لكي يعتبر به أهل الكتاب فلا يتبعونهم إِتباعاً أعمى، فيقول: (لعن الذين كفروا من بني إِسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم).
أمّا لماذا ورد اسما هذين النّبيين دون غيرهما، فللمفسّرين في ذلك أقوال، فمن قائل: إنّ السبب هو أنّهما كانا أشهر الأنبياء بعد موسى (ع)، وقيل: إنّ السبب هو أنّ كثيراً من أهل الكتاب كانوا يفخرون بأنّهم من نسل داود.
وتذكر الآية أوّلا أنّ داود كان يلعن السائرين على طريق الكفر والطغيان.
ويقول بعض: إنّ في الآية إِشارة إِلى حادثتين تأريخيتين أثارتا غضب هذين النّبيين، فلعنا جمعاً من بني إِسرائيل، فداود قد لعن سكان مدينة (ايله) الساحلية المعروفين باسم (أصحاب السبت)، وسيأتي تفصيل تأريخهم في سورة الأعراف، وعيسى (ع) لعن جمعاً من اتباعه ممن أصروا على اتباع طريق الإِنكار والمعارضة حتى بعد نزول المائدة من السماء.
على كل حال، فالآية تشير إِلى أنّ مجرّد كون الإِنسان من بني إِسرائيل، أو من أتباع المسيح دون أن ينسجم مع خط سيرهما، لا يكون مدعاة لنجاته، بل أنّ هذين النّبيين قد لعنا من كان على هذه الشاكلة من الناس.
وفي آخر الآية توكيد لهذا الأمر وبيان للسبب: (ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون).
﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ﴾ لعن داود أهل أيلة حين اعتدوا في السبت فمسخوا قردة ولعن عيسى أصحاب المائدة حين كفروا فمسخوا خنازير ﴿ذَلِكَ﴾ اللعن ﴿بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ﴾ بسبب عصيانهم واعتدائهم.