أنت في الصفحة : مقالات
تأريخ النشر : 2019-01-20 18:57:17
أنت في الصفحة : مقالات
جاري التحميل ...
كرار محسن الرأفة في اللغة تعني الرحمة وقيل أَشد الرحمة. رَأَفَ به يَرْأَفُ ورئِفَ ورَؤُفَ رَأْفَةً، وفي التنزيل العزيز (ولا تأْخُذْكُم بهما رأْفةٌ في دِينِ اللّه) قال الفرّاء الرأْفةُ مثل الكأَبةِ والكآبة وقال الزجاج أَي لا ترحموهما فَتُسْقِطوا عنهما ما أَمَر اللّه به من الحدّ ومن صفات اللّه عز وجل الرؤوف وهو الرحيمُ لعباده العَطُوفُ عليهم بأَلطافه والرأْفةُ أَخصُّ من الرحمةِ وأَرَقُّ وفيه لغتان قرئ بهما معاً رَؤوفٌ على فَعُولٍ قال كعب بن مالك الأَنصاري: نُطِيعُ نَبيَّنا ونُطِيعُ رَبّاً هو الرحمنُ كان بِنا رَؤوفا ورؤُفٌ على فَعُلٍ قال جرير: يَرىَ لِلْمُسلِمِينَ عليه حَقّاً كفِعْلِ الوالِدِ الرؤُفِ الرحيمِ وقد رَأَفَ يَرْأَفُ إذا رَحِمَ والرَّأْفَةُ أَرَقُّ من الرحمة. أما في الاصطلاح فالرؤوف هو كثير الرأفة وهو اسم من أسماء الله الحسنى المذكورة في القرآن الكريم فهو الرحيم بعباده والعطوف عليهم وأدلة ثبوت هذه الصفة لدى خالقنا جل وعلا في موارد عديدة منها قوله تعالى (لقَد تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ) وصفة الرحمة من أسمى الصفات وأطهرها التي لازمت الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) طوال أيام حياته الشريفة وكما وصفه الله سبحانه وتعالى بقوله: (بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) (سورة التوبة 128) والتفسير لهذه الآية في بعض التفاسير تشير الى أن الرأفة رأفة باطنية ورحمة ظاهرية. أي ان معنى الرأفة هو الرحمة في الباطن والرحمة هي الرأفة في الظاهر، وهاتان الصفتان كانتا ملازمتين للنبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم) وقد وُصفت سيدتنا الزهراء (عليها السلام) بالرأفة شأنها في ذلك شأن ابيها ( صلى الله عليه واله وسلم ) فكل ما كان للنبي من صفات وخصائص ورثها لذريتها عن طريق الزهراء البتول إلا النبوة. إنّ الرأفة والرحمة كان لهما حضور عظيم في شخصية النبيّ صلى الله عليه وآله، سواء قبل البعثة أم بعدها، وقبل الهجرة وبعدها. وهناك المئات من القصص في هذا المجال. ولو عرف المسلمون ولاسيما الشباب ولو الجزء القليل من هذه القصص لتمسكوا بشدة بالدين الإسلامي ومذهب أهل البيت (عليهم السلام ) ولا سيما ان ما دفع الشباب من المؤمنين الى الوقوف مع الرسول الامين وآل بيته الاطهار (عليهم افضل الصلاة والسلام) في حركاتهم الاصلاحية من معارك بدر وحنين وصولا الى عاشوراء الخالدة هو الرأفة، وفي هذا الصعيد تحمّل النبي الأكرم محمّد (صلى الله عليه وآله) أذى كبيرًا من بني أمية (عليهم اللعنة) فقد قام هؤلاء بأذى الرسول واهل بيته لمدة عشرين عاما أي منذ بداية البعثة الى فتح مكة ولشدة الأذى الذي لاقوه قال النبيّ (صلى الله عليه وآله) كلمة لم أرَ ولم أقرأ أنه (صلى الله عليه وآله) قال بحقّ غيره، مع أن النبيّ( صلى الله عليه وآله) اختصّ بالرأفة والرحمة، ولكن ما يصدر في قول النبي (صلى الله عليه وآله) وما يُشير بوضوح الى شدة الاذى الذي لقيه فهو القائل (كذّبني تكذيباً لم يكذّبني أحد من الناس). وبعد أن سارت الأمور على ما يريده الرسول (صلى الله عليه وآله) على وفق ما خطط له تصوّر المشركون أنه حان الوقت للانتقام منهم وأنهم سيُقتلون ويُنفون أو ما شابه ذلك من صور التعذيب وهذا ما نراه يحصل اليوم في أيةِ أمة لا تسير على هدى الله تعالى بعد أيّ انقلاب وثورة، حيث تنصب منصّات الإعدام، مع فارق في الشدّة والكم في دولة عن أخرى ولكن النبي محمد (صلى الله عليه واله) لخلقه الكريم ورأفته التي خُص بها وبعد أن فتح مكة أصدر عفوا عاما عن الجميع وقبل من الذين طلبوا الدخول في السلام إسلامهم. فما أعظم الرأفة والرحمة من النبيّ (صلى الله عليه وآله)؟ فمن دون شك أن هذه الرأفة التي يظهرها الرسول محمد (صلى الله عليه واله) هي من حوّلت الكثير من المشركين والكفار والنصارى واليهود إلى مسلمين وهذا الرقي في التعامل لو يتم التعامل به اليوم فسيُغير الامور برمتها ويجعلها ترفل بالخير والسعادة وهي دعوة صريحة لسائر المسلمين والمسلمات في كل بقاع الارض الى أن نحتذي بالخلق النبوي الرفيع ونُطبّقه في جميع مجالات حياتنا وهو ما نجده في دعوة القرآن الكريم بقوله عز من قائل ((لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ).
ملاحظة: لطفا التعليق يخضع لمراجعة الادارة قبل النشر
جاري التحميل ...