أنت في الصفحة : مقالات
تأريخ النشر : 2019-01-20 19:00:20
أنت في الصفحة : مقالات
جاري التحميل ...
علي حسين الخفاجي هذه الكلمات الثلاث تفسّر لنا الجانب المعنوي في شخصية الإنسان، وهذا الجانب يحدد أبعاد هذه الشخصية وليس جانبها المادي. فالنفس القوية والصلبة والمتحدية والمقاومة للصعاب تصبح شخصية قادرة على تجاوز سلبيات المجتمع وأخطائه. فالقلب كالماء يشكل مصدر الحياة بالنسبة للإنسان وهو مركز هذه الحياة. تبدأ مشاكل الانسان من القلب وتنتهي إليه بوصفه يتحكّم بأحاسيس الشخص، فعندما يضيق صدر الإنسان لابدّ من الموعظة الحسنة له؛ لأنّها شفاء للصدور. قال الله تعالى في محكم كتابه:(يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) (يونس:57). فهذه الموعظة الحسنة هي نور إيماني تشرح صدر الإنسان وتفتح قلبه، وقد وجّه الله عز وجل خطابه لنبيه الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله في كتابه : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ. وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ. الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ) (الشرح:1–3) . وعضّد الله قلب نبيه الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) بالإيمان القويم مما جعل قلبه يتسع لمواجهة مشاكل هذه الحياة وصعابها وتحدياتها. وحينما يكون القلب نقياً طاهراً مليئًا بالصفاء الإيمانيّ بعيداً عن وساوس الشيطان وخالياً من رواسب الشك والخداع وخالياً من الحقد والضغائن والحسد وسوء الظن، حينها يكون هذا القلب مليئًا بحب القرآن وانشراح الإيمان . وقبل وجود هذه الأبدان كانت في ملكوت الله الأعلى فشرفها ربها وهي تمثل القيمة العليا لجسم الانسان وتمثّل قوامه ومن دونها جسم الإنسان لا قيمة له فإنّه يحيا بها ويموت من دونها، وهذه الروح تحت أمر ربها فهو وحده يعلم تدبيرها، وقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يوصي المسلم:( إِذَا اضْطَجَعَ فَلْيَقُلْ بِاسْمِكَ رَبِّي وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِكَ أَرْفَعُهُ فَإِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ فَإِذَا اسْتَيْقَظَ فَلْيَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي فِي جَسَدِي وَرَدَّ عَلَيَّ رُوحِي وَأَذِنَ لِي بِذِكْرِهِ). قال تعالى:)وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا( )الإسراء:85(، فعُبرَ عنها بالعديد من الأوصاف منها القبض والوفاة. وأنها تصعد وتهبط فهي تسل كما تسلُ الشعرة من العجين. ومنه ما رواه أبو بصير عن أبي جعفر الباقر، أو أبي عبد الله الصادق عليهما السلام قال: سألته عن قوله تعالى:( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ...) ما الروح؟ قَالَ: الَّتِي فِي الدَّوَابِ وَالنَّاسِ قُلْتُ وَمَا هِيَ قَالَ هِيَ مِنَ الْمَلَكُوتِ مِنَ الْقُدْرَة) بحار الأنوار58: 42. أما العقل فهو ميزان هذه الشخصية الإنسانية الذي يتحكّم فيها ويحرّكها حينما تتوقف نوازع الشر في النفس وتبتعد ضغوط الشهوة ليخترق حجب الجهل والغرور والضلال بإزالتها عن طريق القرآن الكريم . فالإنسان الذي يريد اكتساب المعرفة يكون بينه وبينها حواجز كثيرة وجب عليه اجتيازها فإنها تكون حائلا أمام تفكير الإنسان وتعطل طاقة عقله فيأتي دور كتاب الله عز وجل في إثارة العقل وهذا الضمير لكي يتخلص من هذه الحجب والحواجز التي تعطل عقله وضميره . عن هشام بن الحكم قال: قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام):(ياهشام إن الله بشّر أهل العقل والفهم في كتابه فقال:(فَبَشِّرْ عِبَادِ. الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ) (الزمر:17،18) ) (الكافي1/10). فعلاج تفكير الإنسان بالقرآن فهو يُقوّم الشخص ويمنعه من الوقوع في الخطأ ويعطيه المنهج الصحيح للسير. وخلاصة ما تحدّثنا عنه هو أن القلب والروح والعقل هي مقومات لتكامل الشخصية البشرية نحو كمالها ونقائها وصفائها فمن أحسن العمل بها حسنت سيرته عند ربه ومن لم يحسن عمله وقع في حبائل الشيطان والعياذ بالله .
ملاحظة: لطفا التعليق يخضع لمراجعة الادارة قبل النشر
جاري التحميل ...