أنت في الصفحة : مقالات

مقالات
الأخلاق في القرآن الكريم «إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق»
الأخلاق في القرآن الكريم «إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق»
الكاتب : عماد العنكوشي

تأريخ النشر : 2020-02-20 17:52:50

عماد جبار أن من اهم صفات الأنسان التي يتصف بها هي الاخلاق الحميدة والصفات الحسنة وكلٌ منا يجب ان يتصف بهذه الصفات والقرآن الكريم يحثنا على مكارم الأخلاق في عدة مواضع من الذكر المبين، فهناك آيات كثيرة تحثنا على ذلك والنبي واهل بيته ( صلوات ربي عليهم ) ايضاً لهم احاديث شريفة وخطب عصماء في صلب هذا الموضوع، وهناك فرقٌ شاسع ما بين الخُلق والتخلق، فالخُلق هو نابع من باطن الإنسان وتصرفاته بعفوية ولا ارادية، وأما التخلق فيظهر بتصنّع ذلك الشيء وفي مرور الأيام سيظهر المتصنع على حقيقته؛ إذ لا بد ان نتحلى بأخلاقنا الذاتية واذا كان لدينا طبعٌ غير محبب يجب تهذيب انفسنا ولا نتصنع بأننا نحمل اخلاقًا حسنة ونحن غير ذلك الشيء، فالقرآن الكريم والعترة الطاهرة هما منبع لهذه السيرة لو طبقها بكامل معانيها ربعُ المسلمين لصلُح حال الأمة كلها. ومن هذه الاخلاق التي وصى بها الإسلام الوفاء والأمانة والتواضع، وعدم الإسراف، وحسن التعامل مع الناس، وبر الوالدين وصلة الأقارب والأرحام وغيرها الكثير من صفات المؤمن الحق وهناك آيات كثيرة تحث على ذلك ويمكن للقارئ الكريم الاطلاع على سورة الاسراء فمعظم هذه السورة تحث على مكارم الاخلاق بدءًا من الآية الرابعة والثلاثين مرورًا بالآيات التي تليها حتى الآية السابعة والثلاثين: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۚ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ۖ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا * وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا * وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا * وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا} [سورة الإسراء، الآيات: 34-37] فكل هذه الآيات المباركات لو عملنا بها وتدبرناها حقاً لما كان حال هذه الامة كما هو عليه الآن فالإسلام حقاً هو نعمة وتربية صالحة وتعاليم لم تتطرق اليها أية جامعة في أعظم دول العالم كيف لا وهو كلامٌ من الله يربي خلقه على ما هو يريد الى عباده من خيرٍ وصلاح ويريد للبشرية ان تظهر بأفضل خُلق ولكن للأسف الشديد أن البعض من مجتمعنا عندما تكون إنساناً لوقت طويل وتتمتع بأخلاق حسنة لا أحد يلتفت اليك ولكن بمجرد ان تخطئ سيلتفت لك الجميع لابد ان نغير هذه النظرة، فندعو إلى مسامحة بعضنا بعضًا كما دعانا القرآن الكريم والدين الإسلامي الى التسامح وعدم البغضاء فيما بيننا فالبدء بالعقل هو افضل الحلول ولنكن جميعنا نتعامل بصدق النية ولتكن ابتساماتنا صادقة ،وقلوبنا نظيفة ، ونفس مرحة، وكلمة طيبة. هكذا نعيش جمال الحياة؛ فكن جميل الخلق تهواك القلوب فينبغي ان لا تشغلنا الوسائل والغايات عن الأهداف وهذا الهدف هو من اساسيات العيش والتعامل في الحياة من اجل عيش راغد ولا يتكالب البعض على الاخر من اجل نزوات، فالدنيا زائلة وانت زائل فلا تجعل لك ذكرى مؤلمة في قلب احد فليتذكرك الجميع بخير فان اشد ما يمنعنا من تطوير انفسنا هو ضعف العقل والاستسلام للغضب والانصياع الى الشهوة. عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: أن رسول الله (صلى الله عليه واله) بعث سرية ــ قوة عسكرية ــ فلما رجعوا قال : ( مرحباً بقوم قضوا الجهاد الأصغر وبقي عليهم الجهاد الأكبر ) قيل يا رسول اله وما الجهاد الأكبر ؟ قال : ( جهاد النفس ) ثم قال : ( أفضل الجهاد من جاهد نفسه التي بين جنبيه ) المجلسي: بحار الأنوار / ج 70 ص 64 ولعل الفقرة الأخيرة إشارة الى أحد جوانب خطورة المعركة مع النفس، وهو التداخل والالتصاق الذي تحدثنا عنه، فهي عدو داخل الإنسان وبين جنبيه لا يتخلص منه الانسان الا ان يحارب العادات السيئة التي بداخلهُ ويعود الذات على التعامل الحسن والأخلاق الحميدة فعش كل لحظة كأنها اخر لحظة في حياتك وعش بالإيمان بالله والتطبع بأخلاق الرسل وأهل بيت النبوة (صلوات ربي عليهم اجمعين) إذ غالباً ما نفكر في العطاء على انه الهدايا العينية التي نمنحها ولكن اعظم عطاء يمكن ان نقدمه هو العطاء من وقتنا وإحساننا وحتى المساواة اننا ننظر الى تلك الأشياء على انها غير مهمة الى ان نحتاجها فالتعامل بهذه الأشياء هو ان يزرع الانسان بذور الامل في قلوب الاخرين ليحصد الخير في حياته فالتعامل بالحسنى هو تمهيد الطريق للخير وهو ان نعيش الطمأنينة في البدايات لنحصد أطيب الثمرات في النهايات فالجميع إن شاء الله من اهل الخير والذين يتمتعون بخلق النبي واهل بيته (عليهم السلام) وهم ممن يبنون هذه الامة والصلاح بفعل الخير والنهج على هدي الثقلين والعترة الطاهرة وبقولون الحق ويؤدون الرسالة التي كلفنا الله بها، فجميع البشر هم خلفاء على الأرض يؤدون رسالتهم فمنهم من يؤديها ومنهم من تحبطه الأخطاء فنسائل الله العزيز الجبار ان يقدر جميع المؤمنين على تأدية واجبته على ما هو يحب ويريد ان مجيب الدعاء.
تعليقات القرآء (0 تعليق)
لاتوجد اي تعليقات حاليا.

ملاحظة: لطفا التعليق يخضع لمراجعة الادارة قبل النشر

جاري التحميل ...

حدث خطأ بالاتصال !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثوان ...

جاري التحميل ...

الأخلاق في القرآن الكريم «إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق»
Image 1
تاريخ النشر 2020-02-20

عماد جبار أن من اهم صفات الأنسان التي يتصف بها هي الاخلاق الحميدة والصفات الحسنة وكلٌ منا يجب ان يتصف بهذه الصفات والقرآن الكريم يحثنا على مكارم الأخلاق في عدة مواضع من الذكر المبين، فهناك آيات كثيرة تحثنا على ذلك والنبي واهل بيته ( صلوات ربي عليهم ) ايضاً لهم احاديث شريفة وخطب عصماء في صلب هذا الموضوع، وهناك فرقٌ شاسع ما بين الخُلق والتخلق، فالخُلق هو نابع من باطن الإنسان وتصرفاته بعفوية ولا ارادية، وأما التخلق فيظهر بتصنّع ذلك الشيء وفي مرور الأيام سيظهر المتصنع على حقيقته؛ إذ لا بد ان نتحلى بأخلاقنا الذاتية واذا كان لدينا طبعٌ غير محبب يجب تهذيب انفسنا ولا نتصنع بأننا نحمل اخلاقًا حسنة ونحن غير ذلك الشيء، فالقرآن الكريم والعترة الطاهرة هما منبع لهذه السيرة لو طبقها بكامل معانيها ربعُ المسلمين لصلُح حال الأمة كلها. ومن هذه الاخلاق التي وصى بها الإسلام الوفاء والأمانة والتواضع، وعدم الإسراف، وحسن التعامل مع الناس، وبر الوالدين وصلة الأقارب والأرحام وغيرها الكثير من صفات المؤمن الحق وهناك آيات كثيرة تحث على ذلك ويمكن للقارئ الكريم الاطلاع على سورة الاسراء فمعظم هذه السورة تحث على مكارم الاخلاق بدءًا من الآية الرابعة والثلاثين مرورًا بالآيات التي تليها حتى الآية السابعة والثلاثين: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۚ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ۖ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا * وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا * وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا * وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا} [سورة الإسراء، الآيات: 34-37] فكل هذه الآيات المباركات لو عملنا بها وتدبرناها حقاً لما كان حال هذه الامة كما هو عليه الآن فالإسلام حقاً هو نعمة وتربية صالحة وتعاليم لم تتطرق اليها أية جامعة في أعظم دول العالم كيف لا وهو كلامٌ من الله يربي خلقه على ما هو يريد الى عباده من خيرٍ وصلاح ويريد للبشرية ان تظهر بأفضل خُلق ولكن للأسف الشديد أن البعض من مجتمعنا عندما تكون إنساناً لوقت طويل وتتمتع بأخلاق حسنة لا أحد يلتفت اليك ولكن بمجرد ان تخطئ سيلتفت لك الجميع لابد ان نغير هذه النظرة، فندعو إلى مسامحة بعضنا بعضًا كما دعانا القرآن الكريم والدين الإسلامي الى التسامح وعدم البغضاء فيما بيننا فالبدء بالعقل هو افضل الحلول ولنكن جميعنا نتعامل بصدق النية ولتكن ابتساماتنا صادقة ،وقلوبنا نظيفة ، ونفس مرحة، وكلمة طيبة. هكذا نعيش جمال الحياة؛ فكن جميل الخلق تهواك القلوب فينبغي ان لا تشغلنا الوسائل والغايات عن الأهداف وهذا الهدف هو من اساسيات العيش والتعامل في الحياة من اجل عيش راغد ولا يتكالب البعض على الاخر من اجل نزوات، فالدنيا زائلة وانت زائل فلا تجعل لك ذكرى مؤلمة في قلب احد فليتذكرك الجميع بخير فان اشد ما يمنعنا من تطوير انفسنا هو ضعف العقل والاستسلام للغضب والانصياع الى الشهوة. عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: أن رسول الله (صلى الله عليه واله) بعث سرية ــ قوة عسكرية ــ فلما رجعوا قال : ( مرحباً بقوم قضوا الجهاد الأصغر وبقي عليهم الجهاد الأكبر ) قيل يا رسول اله وما الجهاد الأكبر ؟ قال : ( جهاد النفس ) ثم قال : ( أفضل الجهاد من جاهد نفسه التي بين جنبيه ) المجلسي: بحار الأنوار / ج 70 ص 64 ولعل الفقرة الأخيرة إشارة الى أحد جوانب خطورة المعركة مع النفس، وهو التداخل والالتصاق الذي تحدثنا عنه، فهي عدو داخل الإنسان وبين جنبيه لا يتخلص منه الانسان الا ان يحارب العادات السيئة التي بداخلهُ ويعود الذات على التعامل الحسن والأخلاق الحميدة فعش كل لحظة كأنها اخر لحظة في حياتك وعش بالإيمان بالله والتطبع بأخلاق الرسل وأهل بيت النبوة (صلوات ربي عليهم اجمعين) إذ غالباً ما نفكر في العطاء على انه الهدايا العينية التي نمنحها ولكن اعظم عطاء يمكن ان نقدمه هو العطاء من وقتنا وإحساننا وحتى المساواة اننا ننظر الى تلك الأشياء على انها غير مهمة الى ان نحتاجها فالتعامل بهذه الأشياء هو ان يزرع الانسان بذور الامل في قلوب الاخرين ليحصد الخير في حياته فالتعامل بالحسنى هو تمهيد الطريق للخير وهو ان نعيش الطمأنينة في البدايات لنحصد أطيب الثمرات في النهايات فالجميع إن شاء الله من اهل الخير والذين يتمتعون بخلق النبي واهل بيته (عليهم السلام) وهم ممن يبنون هذه الامة والصلاح بفعل الخير والنهج على هدي الثقلين والعترة الطاهرة وبقولون الحق ويؤدون الرسالة التي كلفنا الله بها، فجميع البشر هم خلفاء على الأرض يؤدون رسالتهم فمنهم من يؤديها ومنهم من تحبطه الأخطاء فنسائل الله العزيز الجبار ان يقدر جميع المؤمنين على تأدية واجبته على ما هو يحب ويريد ان مجيب الدعاء.

لا توجد اي صور متوفرة حاليا.