أنت في الصفحة : مقالات

مقالات
العطاء الإلهيّ ومقياس رضاه سبحانه الحلقة الأولى
العطاء الإلهيّ ومقياس رضاه سبحانه الحلقة الأولى
الكاتب : الشّيخ أسامة الفضليّ

تأريخ النشر : 2021-02-12 16:56:45

هبْ أنك عزيزي القارئ -ولا أعني غيرك- كنت جالساً مع بعض المؤمنين من الشباب في وقتنا الحالي، وفيهم من يتحدث بغبطة عن بعض الناس بأنهم ذوو حظ عظيم، فسألته عن علامة ذلك، فأجابك: "لديهم كل ما يتمنّونه من مال وجاه.."، فبادرته بتصحيح فكرته وقلت له: إن المُهم رضا الله سبحانه، فما كان منه إلّا أن يُجيبك قائلاً: "لولا أنّ الله عنهم راضٍ ما أعطاهم". أجل؛ لا تستغرب من كلامي ولا تحملهُ على المزحة والطّرافة والظّرافة، فهذه الصورة ونحوها كثيرة الانتشار في أوساطنا الاجتماعية المؤمنة حالياً –وللأسف- وفيها مفارقة لافتة للنظر، إذ يظن بعضهم في أثناء حديثهم حول رضا الله عن عباده بأن المقياس فيه يكون بالتوسعة عليهم في الدنيا، والبسط لهم في الرزق وإكثار المال والولد، مغترون ببعض المظاهر الجذابة المبهرة التي يتنعّمون بها، وقد تحضر لك حينما تسمع كلامهم صورة قوم قارون -إن كنت مستحضراً لبعض آيات الكتاب الكريم- حينما كان يخرج لهم بزينته فيقولون ﴿يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾) )، وهكذا ما يعيشه بعض منّا بالاعتقاد بأن صاحب الحظ من تُرى عليه بعض هذه المظاهر، وهي من عندياتهم ليس إلّا، وإن كنت تسأل عن الدليل فتأمل معي السطور الآتية وأعرني عقلك وسعة صدرك. بداية من حقك وحق أي باحث محايد أن يسأل هذا السؤال: هل أنّ العطاء الالهي مقياس لرضاه سبحانه على العباد؟ والجواب عن هذا التساؤل يستدعي بيان مقدمة سريعة توضح لك ما نروم بيانه: إنّ لله -جل وعلا- سُنناً إلهيّة في خلقه تدلّ على حكمته وعلمه سبحانه، وهي مجموعة من القواعد والضوابط والأحكام التي رسمها الله تعالى من أجل إصلاح حال الأفراد والجماعات والأمم في شؤونهم الدنيوية والأخروية، والارتقاء بالنفس البشرية إلى الكمالات العلوية. وتمتاز هذه السُّننّ بالثبات وعدم التغيير والتبدل، وكذا عمومها لجميع البشر على حد سواء لا يملك إنسان الخروج عنها، قال الله -تعالى- مُبيّناً ذلك: ﴿لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا﴾) ). ولزيادة التوضيح لبعض هذه السُّننّ نذكر على عجالة مثالين منها: أوّلاً: سُنّة التغيير التي أشار اليها القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾) )، فقد أشار الله -جلّ وعلا- إلى أن التغيير الإلهي لا يبدأ حتى تتّجه النفوس نحو التغيير، فإذا غيّروا غيّر –سبحانه- سواءً إلى الخير، أو إلى الشرّ. ثانياً: سُنّة البلاء، في قوله تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾) )، وهي امتحانات من الله –تعالى- لإيمان المؤمن وصبره، لا يعفى منها أحد ولو كان معفيّاً لكان الأنبياء أولى بذلك العفو. إذا عرفت ذلك تعال معي لنسلط الضوء على إحدى هذه السُّننّ الإلهيّة التي بها مفتاح حلّ التساؤل الذي طُرح، وهي (سُنّة الاستدراج أو الاملاء)، التي أشار إليها القرآن الكريم في قوله تعالى ﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ* وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾) ). والاستدراج معناه: أخذ الشيء تدريجاً، وفي القاموس: استدراج الله العبد، انه كلما جدد خطيئة جدد له نعمة وأنساه الاستغفار وأن يأخذه قليلاً قليلاً ولا يباغته. وهي من الابتلاءات العظيمة -بالمعنى الأعم للابتلاء- التي يمّر بها الفرد والمجتمع، فقد روي عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) أنه قال: «ما ابتلى اللهُ أحداً بمثل الإملاء له») )، وهذه السُنّة فيها نحو اقتضاء للطرد من رحمة الله تعالى واللعن في الدنيا والآخرة، إذ يستدرج الله سبحانه بعض مُستحقي هذا النوع من الابتلاء تدريجياً من حيث لا يعلمون، فيرسل عليهم النعم كلما ازدادوا في المعاصي، فيغترّون بذلك ويتمادون في معصية الله ويقيمون على كفرهم وجحودهم فيزدادوا من الله بُعداً ومن رحمته طرداً، فرحين بما أوتوا حتّى تنتهي مهلتهم، فيأخذهم وهم مُكبّلون بالخطايا والآثام، قال تعالى في سورة آل عمران: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾) ). وهنا يبرز سؤالان: الأوّل: هل هذه السُنّة مختصة بالكافرين؟ وجوابهُ: مرويٌ في الكافي الشّريف [2/452] عن سماعة بن مهران قال: «سألت أبا عبد الله (عليه السّلام) عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ﴾ قال: هو العبد يذنب الذنب فتجدّد له النعمة معه تلهيه تلك النعمة عن الاستغفار من ذلك الذنب». وسُئِل أبو عبد الله (عليه السّلام) عن الاستدراج، فقال: «هو العبد يذنب الذنب فيملي له ويجدّد له عندها النعم فتلهيه عن الاستغفار من الذنوب فهو مستدرج من حيث لا يعلم») ). وهما واضحتان -كما ترى- في شمولهما حتى العبد المؤمن بالله تعالى. الثاني: لماذا يبتلي الله تعالى بعض خلقه من العاصين بهذا السُنّة دون غيرهم ممن يبتليهم الله بسُنّة البلاء -آنفة الذكر- كي يرجعوا اليه؟ والانصاف بأن نقول: لا نعلم، ولكن -بحسب الظاهر أن الاستدراج- يختصه الله تعالى بمن يستحقّ هذه العقوبة والجزاء وأعني به العبد المُصرّ على الذنب غير المبالي بخطورته، أو الذي لا يعقد قلبه على التسليم والخضوع بما يصدر من المشرّع وإن كان لا يبرز ذلك، فالمذنب إذا كان من أحد هذين الصنفين المذكورين كان مستحقّاً لهذا النوع من العقوبة كي لا يوفّق للتوبة، وأما المذنب عن غلبة الشهوة، أو نزعة النفس لا عن إصرار، وكذا المذنب المسلّم الخاضع بقلبه لكلّ ما أمر به الشارع وإن عصاها أحياناً، فحيث أنه يُرجى أوبتهُ وعودهُ للصلاح التام فليس موضعاً للاستدراج بحسب ما ذكر بعض أهل العلم. وزبدة القول في المقام أن تعرف: أنّ غضب الله –سبحانه- على عباده قد يكون بالتوسعة على العبد وإغداق النعم عليه، وقد يكون بنحوٍ آخر، وهذا يعني أنّ توالي النعم وتكثُرها للعبد ليس عنوانا لرضا الله -جلّ وعلا- دائماً، ولذا نجد أنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) في نهج البلاغة يقول: «من وسع عليه في ذات يده فلم يَرَ ذلك استدراجاً فقد أمن مخوفاً»( ). وكيف يعلم العبد أنه من المستدرجين أم من المرضيين؟ ذلك ما سنتعرف عليه في الجزء الثاني من موضوعنا هذا.
تعليقات القرآء (0 تعليق)
لاتوجد اي تعليقات حاليا.

ملاحظة: لطفا التعليق يخضع لمراجعة الادارة قبل النشر

جاري التحميل ...

حدث خطأ بالاتصال !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثوان ...

جاري التحميل ...

العطاء الإلهيّ ومقياس رضاه سبحانه الحلقة الأولى
Image 1
تاريخ النشر 2021-02-12

هبْ أنك عزيزي القارئ -ولا أعني غيرك- كنت جالساً مع بعض المؤمنين من الشباب في وقتنا الحالي، وفيهم من يتحدث بغبطة عن بعض الناس بأنهم ذوو حظ عظيم، فسألته عن علامة ذلك، فأجابك: "لديهم كل ما يتمنّونه من مال وجاه.."، فبادرته بتصحيح فكرته وقلت له: إن المُهم رضا الله سبحانه، فما كان منه إلّا أن يُجيبك قائلاً: "لولا أنّ الله عنهم راضٍ ما أعطاهم". أجل؛ لا تستغرب من كلامي ولا تحملهُ على المزحة والطّرافة والظّرافة، فهذه الصورة ونحوها كثيرة الانتشار في أوساطنا الاجتماعية المؤمنة حالياً –وللأسف- وفيها مفارقة لافتة للنظر، إذ يظن بعضهم في أثناء حديثهم حول رضا الله عن عباده بأن المقياس فيه يكون بالتوسعة عليهم في الدنيا، والبسط لهم في الرزق وإكثار المال والولد، مغترون ببعض المظاهر الجذابة المبهرة التي يتنعّمون بها، وقد تحضر لك حينما تسمع كلامهم صورة قوم قارون -إن كنت مستحضراً لبعض آيات الكتاب الكريم- حينما كان يخرج لهم بزينته فيقولون ﴿يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾) )، وهكذا ما يعيشه بعض منّا بالاعتقاد بأن صاحب الحظ من تُرى عليه بعض هذه المظاهر، وهي من عندياتهم ليس إلّا، وإن كنت تسأل عن الدليل فتأمل معي السطور الآتية وأعرني عقلك وسعة صدرك. بداية من حقك وحق أي باحث محايد أن يسأل هذا السؤال: هل أنّ العطاء الالهي مقياس لرضاه سبحانه على العباد؟ والجواب عن هذا التساؤل يستدعي بيان مقدمة سريعة توضح لك ما نروم بيانه: إنّ لله -جل وعلا- سُنناً إلهيّة في خلقه تدلّ على حكمته وعلمه سبحانه، وهي مجموعة من القواعد والضوابط والأحكام التي رسمها الله تعالى من أجل إصلاح حال الأفراد والجماعات والأمم في شؤونهم الدنيوية والأخروية، والارتقاء بالنفس البشرية إلى الكمالات العلوية. وتمتاز هذه السُّننّ بالثبات وعدم التغيير والتبدل، وكذا عمومها لجميع البشر على حد سواء لا يملك إنسان الخروج عنها، قال الله -تعالى- مُبيّناً ذلك: ﴿لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا﴾) ). ولزيادة التوضيح لبعض هذه السُّننّ نذكر على عجالة مثالين منها: أوّلاً: سُنّة التغيير التي أشار اليها القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾) )، فقد أشار الله -جلّ وعلا- إلى أن التغيير الإلهي لا يبدأ حتى تتّجه النفوس نحو التغيير، فإذا غيّروا غيّر –سبحانه- سواءً إلى الخير، أو إلى الشرّ. ثانياً: سُنّة البلاء، في قوله تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾) )، وهي امتحانات من الله –تعالى- لإيمان المؤمن وصبره، لا يعفى منها أحد ولو كان معفيّاً لكان الأنبياء أولى بذلك العفو. إذا عرفت ذلك تعال معي لنسلط الضوء على إحدى هذه السُّننّ الإلهيّة التي بها مفتاح حلّ التساؤل الذي طُرح، وهي (سُنّة الاستدراج أو الاملاء)، التي أشار إليها القرآن الكريم في قوله تعالى ﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ* وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾) ). والاستدراج معناه: أخذ الشيء تدريجاً، وفي القاموس: استدراج الله العبد، انه كلما جدد خطيئة جدد له نعمة وأنساه الاستغفار وأن يأخذه قليلاً قليلاً ولا يباغته. وهي من الابتلاءات العظيمة -بالمعنى الأعم للابتلاء- التي يمّر بها الفرد والمجتمع، فقد روي عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) أنه قال: «ما ابتلى اللهُ أحداً بمثل الإملاء له») )، وهذه السُنّة فيها نحو اقتضاء للطرد من رحمة الله تعالى واللعن في الدنيا والآخرة، إذ يستدرج الله سبحانه بعض مُستحقي هذا النوع من الابتلاء تدريجياً من حيث لا يعلمون، فيرسل عليهم النعم كلما ازدادوا في المعاصي، فيغترّون بذلك ويتمادون في معصية الله ويقيمون على كفرهم وجحودهم فيزدادوا من الله بُعداً ومن رحمته طرداً، فرحين بما أوتوا حتّى تنتهي مهلتهم، فيأخذهم وهم مُكبّلون بالخطايا والآثام، قال تعالى في سورة آل عمران: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾) ). وهنا يبرز سؤالان: الأوّل: هل هذه السُنّة مختصة بالكافرين؟ وجوابهُ: مرويٌ في الكافي الشّريف [2/452] عن سماعة بن مهران قال: «سألت أبا عبد الله (عليه السّلام) عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ﴾ قال: هو العبد يذنب الذنب فتجدّد له النعمة معه تلهيه تلك النعمة عن الاستغفار من ذلك الذنب». وسُئِل أبو عبد الله (عليه السّلام) عن الاستدراج، فقال: «هو العبد يذنب الذنب فيملي له ويجدّد له عندها النعم فتلهيه عن الاستغفار من الذنوب فهو مستدرج من حيث لا يعلم») ). وهما واضحتان -كما ترى- في شمولهما حتى العبد المؤمن بالله تعالى. الثاني: لماذا يبتلي الله تعالى بعض خلقه من العاصين بهذا السُنّة دون غيرهم ممن يبتليهم الله بسُنّة البلاء -آنفة الذكر- كي يرجعوا اليه؟ والانصاف بأن نقول: لا نعلم، ولكن -بحسب الظاهر أن الاستدراج- يختصه الله تعالى بمن يستحقّ هذه العقوبة والجزاء وأعني به العبد المُصرّ على الذنب غير المبالي بخطورته، أو الذي لا يعقد قلبه على التسليم والخضوع بما يصدر من المشرّع وإن كان لا يبرز ذلك، فالمذنب إذا كان من أحد هذين الصنفين المذكورين كان مستحقّاً لهذا النوع من العقوبة كي لا يوفّق للتوبة، وأما المذنب عن غلبة الشهوة، أو نزعة النفس لا عن إصرار، وكذا المذنب المسلّم الخاضع بقلبه لكلّ ما أمر به الشارع وإن عصاها أحياناً، فحيث أنه يُرجى أوبتهُ وعودهُ للصلاح التام فليس موضعاً للاستدراج بحسب ما ذكر بعض أهل العلم. وزبدة القول في المقام أن تعرف: أنّ غضب الله –سبحانه- على عباده قد يكون بالتوسعة على العبد وإغداق النعم عليه، وقد يكون بنحوٍ آخر، وهذا يعني أنّ توالي النعم وتكثُرها للعبد ليس عنوانا لرضا الله -جلّ وعلا- دائماً، ولذا نجد أنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) في نهج البلاغة يقول: «من وسع عليه في ذات يده فلم يَرَ ذلك استدراجاً فقد أمن مخوفاً»( ). وكيف يعلم العبد أنه من المستدرجين أم من المرضيين؟ ذلك ما سنتعرف عليه في الجزء الثاني من موضوعنا هذا.

لا توجد اي صور متوفرة حاليا.