أنت في الصفحة : مقالات
تأريخ النشر : 2021-07-06 14:10:53
أنت في الصفحة : مقالات
جاري التحميل ...
إنَّ القرآن الكريم هو الباب المؤدّي إلى مرضاة الله سبحانه وتعالى، فمن أراد أن يبتغي رضا الله ويتعلم الأحكام والأخلاق الإسلامية ويسلك طريق الحق؛ فعليه أن يدخل من باب القرآن الكريم، فمن دخله كان آمنا من الخوف والطمع والحسد والحقد، وكل السلوكيات الخاطئة التي تواجه الانسان في حياته، والإنسان الذي يتأمل القرآن الكريم يجده مليئاً بالحكم البليغة والمواعظ الجليلة التي تؤدي بالإنسان إلى شاطئ البر والأمان. فمن واجب المسلم أن يتدبّر هذا الكتاب المبارك؛ لينهل من تعاليمه النّيرة كل مقومات العيش الكريم، فالتمسّك بالقرآن معناه الانغماس في الحق والتجرد عن الباطل، فهو محبة وخير ونور كله. فالقرآن الكريم في آيات كثيرة يربّي الإنسان ويحثّه على عمل الخير واجتناب الإثم، ومن أبواب الخير التي أمر الله عباده في كتابه العزيز هو (الصدق)، فقد قال تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة: الآية 70]، فاللَّه سبحانه وتعالى أمر بالصدق وحث عليه؛ لما فيه خير وصلاح للإنسان وللمجتمع، ونهى عن الكذب وأمر باجتنابه؛ لما فيه من فساد وضرر، وما يولده الكذب من أحقاد وضغائن بين الناس. فالقرآن الكريم لم يدع فضيلة من الفضائل إلا أمر بها وحث الناس على التمسك بها، ولم يَدَعْ فساداً إلّا حذر منه ونهى عنه؛ لكي يعيش المجتمع حالةً من السكينة والاستقرار. ومن بين تلك الفضائل التي أشار إليها القرآن هي فضيلة (الصبر)، وهي من أعظم الفضائل عند الله سبحانه. وكثيراً مّا أشار القرآن الكريم إليها بآياتٍ كثيرةٍ تدل على عظمة الصبر وأجر الصابر عند الله جلّ وعلا، حيث يقول في كتابه العزيز: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ [البقرة: 155، 156]، وفي آية أخرى قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [الزمر:10]، فالقرآن الكريم لم يأمر بالصبر ويحث عليه إلّا لما يحمله الإنسان الصابر من قوة وثبات في أوقات المحن والشدائد، والصبر نوعان؛ صبر على الطاعة، وصبر على المعصية، فالإنسان المؤمن يصبر على طاعة الله، ويتحمل الأذى في سبيله؛ كي يعيش حالة من حالات الاستقرار والطمأنينة والتوكل عليه سبحانه وتعالى في الدنيا، ويفوز في الآخرة بأعلى مراتب الجنان، ويصبر على المعاصي ويبتعد عن الشبهات؛ لكي لا يقع في مزالق الشيطان، والصبر من الفضائل التي يحبّها الله جلّ وعلا، حيث يقول في محكم كتابه العزيز: ﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾ [آل عمران: 146]. ومن السلوكيات التي أمر الله عباده بالتمسك والاعتصام بها هي وحدة الصف، وعدم التفرقة بين أبناء الأمة الواحدة، بقوله: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ [آل عمران :103]، فمن يتأمل هذه الآية المباركة يجد فيها معاني الخير والمحبة والأخوة بين الناس، ونبذ التفرقة والبغضاء، ومِن ثَمَّ ينشأ مجتمع تسوده المحبة والألفة ويستشعر فيه الناس الأمن والاستقرار. فالقرآن يأمر بالرفق، والقول الطيب، وإخلاص العبادة، والتبتُّل إليه سبحانه، والخوف من عذابه، والتشوق إلى مغفرته وعفوه ورضوانه بمحض فضله، كما يأمر بالاعتدال واجتناب جميع أصناف الشرك ومزالقه، وتحاشي الآثام كبيرة كانت أم صغيرة؛ كقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، والإفساد في الأرض والزنى، وهو ينادي في كل وقت وحين بالتوبة وتجديد الإيمان، والتنافس في الأعمال الصالحات، والتسابق إلى الخيرات، عسى أن يبدّل الله السيئات بالحسنات، فقد قال تعالى في محكم كتابه العزيز: ﴿إِنّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [النحل :90]. وقد وصف الله عباده بعدة أوصاف، جاء في سياقها: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [الفرقان: 68-70]. فالقرآن الكريم تضمّن الكثير من النصائح الاجتماعية والسلوكيات الأخلاقية التي تنفع الناس في كل العصور، ومن تلك الدروس والمواعظ التي تناولها القرآن هي قصة لقمان الحكيم وابنه، حيث يذكر الله قصته في القرآن الكريم بقوله تعالى: ﴿يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ * وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ* وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾ [لقمان:17، 18، 19]. فالخالق سبحانه عندما شرع أحكام الإسلام؛ لم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا نبّه عليها، وأمر بها؛ كي يقيم الحجّة على الخلق، ويدلّهم على سلوك الطريق المستقيم، وحذّر المبتعدين عن الحق سبحانه من الضلال وتوعّدهم العذاب، فقال تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [الأنعام: 153].
ملاحظة: لطفا التعليق يخضع لمراجعة الادارة قبل النشر
جاري التحميل ...