أنت في الصفحة : بحوث

بحوث
حرية الإنسان في القرآن الكريم
حرية الإنسان في القرآن الكريم
الباحث : حارث الداحي

تأريخ النشر : 2018-09-08 10:45:38

الشيخ حارث الداحي ربط الفكر الإنسانيّ مفهوم الحرية الذي عُدّ من أهم حقوق الإنسان بمفهوم التعددية والاختلاف الفكريّ والنوعيّ بين بني البشر، ولطالما أحترم الإسلامُ الحنيف هذه التعددية بأغلب أشكالها وأقسامها، بل أنّ القرآن الكريم بيّن أنّ الله تعالى موجد لهذه التعددية، قال تعالى:يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أَتْقَاكُمْ إِنَّ الله عَلِيمٌ خَبِيرٌ(الحجرات:13)، ولتعددية الأفكار الإنسانية في النص القرآني مساحة واسعة من تسليط الضوء، والنص القرآني منسجم مع الطبيعة الخَلقية للإنسان ومع ما اودع الله فيه من مَلَكَةِ التفكير التي تنسجم مع أهداف الإنسان وغاياته. وبالمقارنة مع ظاهرة التنوع الاعتقادي وتعدد أنماط التفكير لدى البشر، مع ظاهرة تنوع مظاهر الخلق المادي وتعددها في المحيط الكوني الذي أوجده الخالق تبارك وتعالى، تتكون ظاهرة طبيعية جديدة مؤلّفة من الإنسان وبيئته، فيؤثر أحدهما بالآخر كما هي طبيعة الحال. وهذا التنوع في عالم المخلوقات أو عالم الطبيعة -كما يرغب البعض بتسميته- لم يحدث صدفة، كما لم يحدث بطبيعة الحال خارج الإرادة الإلهيّة، بل دلَّ القرآن الكريم على أنّ هذا التنوّع من مظاهر الخلق الكبرى، ومن مظاهر الإعجاز في الخلق، ومظاهر الإبداع في الخلق، قال تعالى: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا(الإسراء: 70)، وتكريم الله تعالى لبني آدم متجسد في تفضيلهم بما منحهم من قدرات، كقدرتهم على النطق واختلاف ألسنتهم وألوانهم ومعتقداتهم الفكرية والعلمية، وبما منحهم من طاقات كبيرة وقدرات واسعة، وفي مقدمتها القدرة العقلية الفكرية والإرادة الحرة. ومفهوم هذه الإرادة الحرّة في الإسلام الحنيف هو الاعتقاد الحُرّ بالمعتقدات والعمل بلا إكراه في الوظائف الشّرعيّة، والمؤمن في إطار هذه المفاهيم يعمل بحرّيّة بوظيفته من غير إلزام جبري في هذه الحدود التي رسمها الشّارع المقدّس، إلّا ما فُرض عليه تطوعاً منه، قال تعالى: لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِالله فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَالله سَمِيعٌ عَلِيمٌ(البقرة:256) فالواجبات والمحرَّمات التي كُلّف بها أو يمنع عنها المسلم قيود من الله تعالى لا يجوز للمؤمن أن يتعداها ويتجاوزها تطوعاً ولهذا سميت طاعة لله تعالى، وهذا ما بنيت عليه أسس الشرائع التي جاء بها المرسلون، قال تعالى: كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ الله النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ(البقرة:213)، ويتضح من هذه الآية الكريمة وغيرها الكثير مما جاء في القرآن الكريم من آيات كريمة توضح أنّ الشرائع السماوية التي بشّر بها الأنبياء والمرسلون، فكانت دعوتهم تبلغ عن طريق الإرشاد والمحاججة الفكرية: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ(النحل 125) فكلمة الحرية على ما يراد بها من المعنى في الإسلام لا تتفق بالمعنى مع ما متعارف على الألسن بين عموم الناس ولاسيما في المفاهيم الثقافيّة الغربيّة، والفارق بين المفهومين الإسلاميّ والغربي، أن الإنسان الغربي لما كان جزءاً من مجتمع غير إيماني يحاول إدخال إرادته وفعله في مقدرات الكون فصار هو الواضع لقانون الحياة وإرادته التي لا ضابط لها فقانون الطبيعة الذي يعتقد به هو الذي أعطاه إطلاق الإرادة، وفي هذا مغالطة كبيرة، قال تعالى: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّه أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (يوسف : 40). وعارض الدين الإسلاميّ الحنيف مثل هذا الوضع وعدّه إساءة لفهم الحرية الفكريّة، حيث أن الإرادة قد وضعت من لدن الشريعة التي راعت بشكل مطلق المنفعة لبني الإنسان لذلك منحته الحرية في العمل والتفكير والتطور الفكري التعلّمي في أكثر جوانب الحياة، وقيدت فعله بضوابط أخلاقية وعبادية لتهذيب أفعاله ولضمان أن يكون سلوكه آمنًا على طريق الخير والفضيلة. وأما قوانين الإسلام الحنيف فقد وضعت على أسس التوحيد والإخلاص في العبادات والمعاملات وعلى أساس الأخلاق الفاضلة والتربية السليمة وجلب المنفعة للإنسان فلا شيء مما يتعلّق بالإنسان أو يتعلّق به الإنسان إلا وللشرع الإسلامي فيه أثر. فمنح الإسلام للإنسان الحرية عن قيد عبودية غير الله سبحانه وتعالى وهذا المعنى واسع جداً عند من بحث الفكر الإسلامي ، وكذلك من حيث الأحكام فهنالك فسحة كبيرة من الحرية فيما أباحه الله من طيبات الأرزاق ومزايا الحياة المعتدلة، قال تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا (البقرة:29)، وقال تعالى: وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ(الجاثية:13)، فالإسلام بشريعته السمحاء يفي بإسعاد الإنسان في هذه الحياة ويضمن له حريته التي لا يستطيع أن يسلبها عنه أحد، والإسلام يضمن إيصال المجتمع في كل العصور إلى سعادة حقيقية ويحقق لجميع أفراد المجتمع أمانيهم المشروعة. وقد سخّر الله تعالى للإنسان كثيرًا من المخلوقات بما أودع فيه من قدرات عقلية فيكتشف ما يشاء مما في الآفاق، ويستفيد منه كيف يريد، فيكوّن الحضارة ويجدد أطوارها بالزراعة والصناعة والتعامل التجاري والمعرفي وغيرها بمطلق الحرية، وكلما أُفسح أمام الإنسان مجال الحرية والإفادة من بيئته، أزداد الاختلاف بين بني البشر نتيجة اختلاف المصالح، فتتكون المجتمعات متباينة، فإذا تعارفوا وتواصلوا وتعاونوا ضمن الضوابط الشرعية تنعموا بهذه الحرية الممنوحة لهم. وقد حثّ النص القرآني الإنسان على التحرر وخوض معركة التحرر مع النفس وتحطيم أصنام الرغبات التي تسلبه حريته وتجعله عبداً لرغباته الفردية والاجتماعية غير المنضبطة ويتحرر من عبوديتها، ويقضي على عبادة الإنسان للإنسان، قال تعالى: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا الله وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ الله فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (آل عمران:64).
تعليقات القرآء (0 تعليق)
لاتوجد اي تعليقات حاليا.

ملاحظة: لطفا التعليق يخضع لمراجعة الادارة قبل النشر

جاري التحميل ...

حدث خطأ بالاتصال !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثوان ...

جاري التحميل ...

حرية الإنسان في القرآن الكريم
Image 1
تاريخ النشر 2018-09-08

الشيخ حارث الداحي ربط الفكر الإنسانيّ مفهوم الحرية الذي عُدّ من أهم حقوق الإنسان بمفهوم التعددية والاختلاف الفكريّ والنوعيّ بين بني البشر، ولطالما أحترم الإسلامُ الحنيف هذه التعددية بأغلب أشكالها وأقسامها، بل أنّ القرآن الكريم بيّن أنّ الله تعالى موجد لهذه التعددية، قال تعالى:يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أَتْقَاكُمْ إِنَّ الله عَلِيمٌ خَبِيرٌ(الحجرات:13)، ولتعددية الأفكار الإنسانية في النص القرآني مساحة واسعة من تسليط الضوء، والنص القرآني منسجم مع الطبيعة الخَلقية للإنسان ومع ما اودع الله فيه من مَلَكَةِ التفكير التي تنسجم مع أهداف الإنسان وغاياته. وبالمقارنة مع ظاهرة التنوع الاعتقادي وتعدد أنماط التفكير لدى البشر، مع ظاهرة تنوع مظاهر الخلق المادي وتعددها في المحيط الكوني الذي أوجده الخالق تبارك وتعالى، تتكون ظاهرة طبيعية جديدة مؤلّفة من الإنسان وبيئته، فيؤثر أحدهما بالآخر كما هي طبيعة الحال. وهذا التنوع في عالم المخلوقات أو عالم الطبيعة -كما يرغب البعض بتسميته- لم يحدث صدفة، كما لم يحدث بطبيعة الحال خارج الإرادة الإلهيّة، بل دلَّ القرآن الكريم على أنّ هذا التنوّع من مظاهر الخلق الكبرى، ومن مظاهر الإعجاز في الخلق، ومظاهر الإبداع في الخلق، قال تعالى: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا(الإسراء: 70)، وتكريم الله تعالى لبني آدم متجسد في تفضيلهم بما منحهم من قدرات، كقدرتهم على النطق واختلاف ألسنتهم وألوانهم ومعتقداتهم الفكرية والعلمية، وبما منحهم من طاقات كبيرة وقدرات واسعة، وفي مقدمتها القدرة العقلية الفكرية والإرادة الحرة. ومفهوم هذه الإرادة الحرّة في الإسلام الحنيف هو الاعتقاد الحُرّ بالمعتقدات والعمل بلا إكراه في الوظائف الشّرعيّة، والمؤمن في إطار هذه المفاهيم يعمل بحرّيّة بوظيفته من غير إلزام جبري في هذه الحدود التي رسمها الشّارع المقدّس، إلّا ما فُرض عليه تطوعاً منه، قال تعالى: لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِالله فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَالله سَمِيعٌ عَلِيمٌ(البقرة:256) فالواجبات والمحرَّمات التي كُلّف بها أو يمنع عنها المسلم قيود من الله تعالى لا يجوز للمؤمن أن يتعداها ويتجاوزها تطوعاً ولهذا سميت طاعة لله تعالى، وهذا ما بنيت عليه أسس الشرائع التي جاء بها المرسلون، قال تعالى: كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ الله النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ(البقرة:213)، ويتضح من هذه الآية الكريمة وغيرها الكثير مما جاء في القرآن الكريم من آيات كريمة توضح أنّ الشرائع السماوية التي بشّر بها الأنبياء والمرسلون، فكانت دعوتهم تبلغ عن طريق الإرشاد والمحاججة الفكرية: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ(النحل 125) فكلمة الحرية على ما يراد بها من المعنى في الإسلام لا تتفق بالمعنى مع ما متعارف على الألسن بين عموم الناس ولاسيما في المفاهيم الثقافيّة الغربيّة، والفارق بين المفهومين الإسلاميّ والغربي، أن الإنسان الغربي لما كان جزءاً من مجتمع غير إيماني يحاول إدخال إرادته وفعله في مقدرات الكون فصار هو الواضع لقانون الحياة وإرادته التي لا ضابط لها فقانون الطبيعة الذي يعتقد به هو الذي أعطاه إطلاق الإرادة، وفي هذا مغالطة كبيرة، قال تعالى: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّه أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (يوسف : 40). وعارض الدين الإسلاميّ الحنيف مثل هذا الوضع وعدّه إساءة لفهم الحرية الفكريّة، حيث أن الإرادة قد وضعت من لدن الشريعة التي راعت بشكل مطلق المنفعة لبني الإنسان لذلك منحته الحرية في العمل والتفكير والتطور الفكري التعلّمي في أكثر جوانب الحياة، وقيدت فعله بضوابط أخلاقية وعبادية لتهذيب أفعاله ولضمان أن يكون سلوكه آمنًا على طريق الخير والفضيلة. وأما قوانين الإسلام الحنيف فقد وضعت على أسس التوحيد والإخلاص في العبادات والمعاملات وعلى أساس الأخلاق الفاضلة والتربية السليمة وجلب المنفعة للإنسان فلا شيء مما يتعلّق بالإنسان أو يتعلّق به الإنسان إلا وللشرع الإسلامي فيه أثر. فمنح الإسلام للإنسان الحرية عن قيد عبودية غير الله سبحانه وتعالى وهذا المعنى واسع جداً عند من بحث الفكر الإسلامي ، وكذلك من حيث الأحكام فهنالك فسحة كبيرة من الحرية فيما أباحه الله من طيبات الأرزاق ومزايا الحياة المعتدلة، قال تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا (البقرة:29)، وقال تعالى: وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ(الجاثية:13)، فالإسلام بشريعته السمحاء يفي بإسعاد الإنسان في هذه الحياة ويضمن له حريته التي لا يستطيع أن يسلبها عنه أحد، والإسلام يضمن إيصال المجتمع في كل العصور إلى سعادة حقيقية ويحقق لجميع أفراد المجتمع أمانيهم المشروعة. وقد سخّر الله تعالى للإنسان كثيرًا من المخلوقات بما أودع فيه من قدرات عقلية فيكتشف ما يشاء مما في الآفاق، ويستفيد منه كيف يريد، فيكوّن الحضارة ويجدد أطوارها بالزراعة والصناعة والتعامل التجاري والمعرفي وغيرها بمطلق الحرية، وكلما أُفسح أمام الإنسان مجال الحرية والإفادة من بيئته، أزداد الاختلاف بين بني البشر نتيجة اختلاف المصالح، فتتكون المجتمعات متباينة، فإذا تعارفوا وتواصلوا وتعاونوا ضمن الضوابط الشرعية تنعموا بهذه الحرية الممنوحة لهم. وقد حثّ النص القرآني الإنسان على التحرر وخوض معركة التحرر مع النفس وتحطيم أصنام الرغبات التي تسلبه حريته وتجعله عبداً لرغباته الفردية والاجتماعية غير المنضبطة ويتحرر من عبوديتها، ويقضي على عبادة الإنسان للإنسان، قال تعالى: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا الله وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ الله فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (آل عمران:64).

لا توجد اي صور متوفرة حاليا.